ماهي خيارات المؤتمر الوطني حال حرمانه من الانتخابات؟!
بقلم: ابوالقاسم عمر
بعد الاطاحة بنظام البشير في 2019 ثم الاتفاق بين المجلس العسكري في ذلك الوقت وقوى الحرية والتغيير التي اعتمدها المجلس ممثلاً للشارع السوداني، علي الوثيقة الدستورية لتكون هادياً للفترة الانتقالية حتي الانتخابات، وتمددت الفترة الانتقالية بعد توقيع اتفاق جوبا مع الحركات المسلحة، ثم تفرقت بها السبل بعد تمزق قوى الحرية والتغيير، وتآكلت الوثيقة الدستورية قبل قرارات البرهان في 25 اكتوبر بمخالفات عديدة ابرزها عدم الالتزام باكمال مؤسسات الدولة العدلية والتشريعية، وبعد ذلك جاءت قرارات البرهان التي تضمنت تجميد عدد من بنود الوثيقة الدستورية.
ومع كل ذلك يشدد الجانبان العسكري والمدني علي التمسك بابعاد المؤتمر الوطني عن المشاركة ضمن الاحزاب السياسية في الفترة الانتقالية بقرار تم اصداره في ذروة حماس التغيير بعد ابريل 2019 بحل الحزب ومؤسساته باعتباره كان (حزباً حاكماً بقيادة البشير)، بينما كثير من الذين يتصدرون مشهد الفترة الانتقالية الآن كانوا فاعلين وعملوا بصورة او اخرى في استمرار نظام الانقاذ بمشاركتهم المؤتمر الوطني في مراحل مختلفة حتى بلغ من عمر الحكم 30 عاماً.
وخلال فترة الانتقال التي لا زالت ممتدة تعرض قادة المؤتمر للاعتقال دون محاكمة حتي قضي بعضهم حياته داخل المعتقل.. وتجري منذ اكثر من عام فصول محاكمة غير منظورة النهايات لقيادات الموتمر الوطني بتهمة نجاحهم في تنفيذ انقلاب يونيو 1989.
وطوال هذه السنوات لم تعلن اي جهة قيادية او شبابية في الحزب رغبتها للمشاركة في الفترة الانتقالية والتزم الحزب بالابتعاد عن الحراك السياسي في انتظار الانتخابات، رغم ذلك تصدر التصريحات والخطابات من مكوني السلطة بعدم السماح للمؤتمر الوطني المحلول في الشان السياسي كل فترة الانتقال.. يبدو ان الامر ظل يشكل هاجساَ للحكومة الانتقالية لذلك تكرر ذلك التصريح بمناسبة وبدون مناسبة.
لكن المدهش ان اصواتاَ ارتفعت مؤخراً تطالب بحرمان المؤتمر الوطني المشاركة في الانتخابات العامة بعد اكتمال الفترة الانتقالية، رغم انف دعاوى (الحرية والسلام والعدالة).
في كل قوانين العالم ونواميس الكون لا يمنع من ممارسة الحق في الانتخاب والترشح الا عند الادانة بجرائم معروفة يحاسب عليها القانون في مقدمتها الاخلال بالشرف والامانة، كما انه ليس هناك حكماً جمعياً علي تنظيم سياسي وانما محاسبات فردية لقياداته التي افسدت او ارتكبت جرماً، يمكن عزل وحرمان التنظيم السياسي في حال تضمنت رؤاه ووثائقه الطعن فيما هو معلوم بالضرورة ديناً واخلاقاً واستخباراتياً.
يجب على الجهات التي تنادي بحرمان المؤتمر الوطني من خوض الانتخابات والاحتكام للجماهير في صندوق الاقتراع الديمقراطي، يجب عليهم مراجعة موقفهم، فهناك اكثر من طريقة وطريقة تعيد قيادات الحركة الاسلامية للمشهد السياسي وفق القوانين والدستور حتى لو تم صياغته داخل دار الحزب الشيوعي، وهذا الامر معروف للسياسيين.
لذلك الافضل ان يتم اللجوء للقانون لياخذ مجراه مع من ارتكب جرماً من قيادات المؤتمر الوطني ومعاقبته قانونياَ واجتماعياً وسياسياً، وبذلك يخرج المذنب من المشهد ويبقى الوطنيين الخلص في قيادة حزب فاعل في الحركة السياسية بمواقف معلنة كان لها تاثير كبير على مسيرة البلاد في مرحلة سابقة.
الافضل ان يتاح المجال للحزب ضمن كل القوى السياسية لطرح افكاره وبرامجه للناخب السوداني الذي يملك وحده الحق في تقديم من يراه صالحاَ لقيادة البلاد عبر صناديق الاقتراع، اقول ذلك لان البديل لمشاركته الانتخابات سيكون العمل السري خلف الاضواء دون مسؤولية مباشرة سياسية او جنائية، وفي هذه الحالة فان ادمؤتمر الوطني والاسلاميين لهم خبرات كبيرة وعركتهم المواقف السياسية وتمكنوا من تجاوز كل الصعوبات والمتاريس التي وضعت امامهم على مر التاريخ.
Comments are closed.