الزين صالح يكتب: اليسار والشعوبية عناق أم توهان
بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
في رأي للمفكر الأمريكي جين شارب الذي كان أستاذا للعلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس في دارتموث، الذي كتب كتاب “سياسة الحراك السلمي” يقول عن التحديات بعد سقوط الديكتاتورية “أن أنتهاء نظام ديكتاتوري، لا يعني نهاية لكل المشاكل، حيث أن سقوط النظام الديكتاتوري أو التحول الديمقراطي لا يخلق المدنية الفاضلة، بل أنه يفتح المجال أمام جهود طويلة لبناء علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية عادلة، وإلي القضاء على إشكال الاعدالة والظلم”.
قال كمال كرار عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، للجزيرة نت، أن هناك قيادة موحدة وظاهرة في التنظيم وحماية المواكب وتحديد مساراتها تتكون من الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين ولجان المقاومة، وهي القوى التي ترفع شعار “لا شراكة.. لا تفاوض.. لا شرعية” هي القوى المدنية الثورية، وهذه من المفترض تستلم السلطة، ويقول في ذات اللقاء أن هناك قوى أخرى، قوى داعمة للإنقلاب والأخرى قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي التي حادت عن طريق الثورة عندما كانت في السلطة.
أن دعوة الحزب الشيوعي وواجهاته المختلفة، تسليم السلطة إلي المدنية الثورية، تعنى تخطى القوى السياسية بكلياتها، إضافة للعرف السياسي الديمقراطي الذي جاء عبر تراكم طويل، وأن المدنية الثورية تعني الشعبوية التي تسعى للتحلل من الروبط الحزبية، وهي مصطلح سياسي عليه اخلاف في الفكر السياسي وعلم الاجتماع، باعتبار أن المصطلح ظهر في القرن التاسع عشر، وأطلق على أعضاء حزب الشعب في الولايات المتحدة، وفي روسيا في عهد الامبراطورية.
ولكن تم الاتفاق بأن مصطلح الشعبوية “يطلق على الحركات السياسية أو الاجتماعية الحديثة العهد التي تتحدى القيم والقواعد والمؤسسات الراسخة في المعتقدات الديمقراطية” لكن عالم الاجتماع الأمريكي إدوارد شيلس يقول عن الشعبوية “هي اتجاه مناهضة للنخبة ودورها في المجتمع”.
إذا الشعبوية ليس مصطلحا فارغا، بل هو يحمل مضمونا سياسيا يتجاوز قيم الواقع الماثل لكي يضع قيما جديدة. ومن الذي يضع القيم الجديدة القوى السياسية عبر ممارساتها الديمقراطية، أم أصحاب الحظوة من المدنيين الثوريين؟.
كيف يعرف الزملاء المدنية الثورية؟ وما هي المعايير المطلوبة أن يصبح المواطن السوداني جزء من المدنية الثورية، وأخر لا تنطبق عليه المعايير؟ وما هي الجهة المؤهلة سياسيا أن تستلم السلطة باعتبارها تمثل المدنية الثورية.؟ مطالبين الزملاء الإجابة على هذه الأسئلة حتى يتعرف الشعب على كنية السلطة القادمة، ويستعد لها بالترحيب إذا كانت توافق ميوله وهي الأكثر كفاءة في أنجاز شعار “الدولة المدنية الديمقراطية” أو أن المدنية الثورية تفارق الشعار تماما وليس لها علاقة بالديمقراطية البته، لكي تستمر الثورة في مشوارها.
لكن السؤال هل المدنية الثورية مصطلح جديد أفرزته الأحداث في السودان ويتماشى مع المرجعية الأرثوذكسية للماركسية، وكانت قد تعاملت معه الثورة البلشفية بعد سقوط الامبراطورية الروسية التي تخلقت الشعبوية في رحمها؟ أم أن المدنيون الثوار سوف يقيمون مرحلة ديكتاتورية البوليتارية للصعود لمرحلة الشيوعية، مادام الرأسمالية السودانية قد عجزت في تشييد وسائل الانتاج التي تبرز دور الطبقة البوليتارية، يجب البحث عن بدائل أخرى.
أن الشارع السوداني الذي خبر طريق النضال اليومي للضغط السياسي، يمكن أن يكون بديلا لطبقة البوليتارية ويؤدي مهامها لكن الفكرة تحتاج لاجتهاد فكري هل القيادات الاستالينية توافق على ذلك؟ حقيقة أن الزملاء عملوا رجة في الفكر الإنساني بالدعوة لتسليم السلطة للمدنية الثورية. هل يمكن القول هو اقتباس أفرزته انتقادات مفكري مدرسة فرانكفورت للماركسية. رغم القناعة أن القيادة التاريخية تضجر من عملية الاجتهاد الفكري، وكانت قد تخلصت من مناصريه، لكنها مطالبة سياسيا أن تعرف المصطلح ودوره في المرحلة القادمة.
الحقيقة أنني بالفعل أجهل مصطلح المدنية الثورية، وسألت صديق أعرف أنه من القراء المداومين لتطور الفكر الإنساني خاصة الريديكالي قال: ربما يطلق على الثورات السلمية التي تتبني عملية التغيير في مجتمعاتها، وإذا كانت للسلمية يصبح كل الذين في الشارع هم من المدنيين الثوريين كيف يتم تسليم السلطة لهذا الكل.
لكن كرار المجتهد سياسيا قال في ذات اللقاء مع الجزيرة نت هم الذين يرفعون شعار ” لا تفاوض لا مساومة و لا مشاركة” ومعروف صاحب الشعار هو الحزب الشيوعي. فالمدنية الثورية إذا استخدمنا المنطق الديكارتي يكون الزملاء. لكن السؤال للزملاء ما علاقة المدنية الثورية بشعار الدولة المدنية الديمقراطية. وهي لم تكن جزء من مراحل الوصول للشيوعية. ننتظر اجتهاد كرار في ذلك حتى يصل الكل للإقتناع بالقول.
هذه الدعوة تذكرني بمقولة للعفيف الأخضر الكاتب التونسي يقول فيها ” أن منطق (النقاش المتعارض) يعتبر من دينميكية التقدم الفكري إلي التداخل مع الفكرة لتوليد أفكار جديدة” هل نحن بالفعل في مرحلة الحوار المتعارض، وأن الزملاء أتحفونا بهذا المصطلح بهدف توليد أفكار جديدة.
بالفعل الساحة السياسية في حاجة إلي اجتهاد فكري من الجميع لكن الزملاء قدموا المصطلح ليكون هو محور الحوار. وتتولد من خلاله أفكار جديدة ربما تفتح منافذ للحل. لكن المؤكد تماما أن الشباب في الشارع الثوري اوسع حجما من أي آطار يريد أن يؤطرهم. نسأل الله للجميع حسن البصيرة.
Comments are closed.