ياسر الفادني يكتب: الفراغ العريض

70

كل الذي يحدث سياسيا في هذه البلاد هو فراغ من غير محتوي، الكوب السياسي ظل فارغا لأكثر من سنتين لم يصل حتي مرحلة (القَعَر) !، سباق الماراثون الطويل الذي ظل يسلكه السياسيون تجاوز خط الإنسداد السياسي إلي مضمار خارج ميدان اللعب ولم يلتفتوا حتي إلي صافرات وإشارات الوقوف لتعديل المسار الصحيح.

نحن في عالم غريب لم نكتشف ملامحه حتي الآن، إنه النفق المظلم الذي ظلننا ننتظر الضوء الذي يظهر في فوهته للخروج بسلام لكنه ظل كحلم (ظلوط)!.

فراغ تنفيذي كبير في الوزارات، صار في ضرب المستحيل تعيين وزراء لبعض الحقائب الوزارية في ظل صمت السيد رئيس الوزراء برغم سماعنا هرطقات هنا وهناك، هل إنعدمت الكوادر؟ أم رفضت قبول الأمر بعد مشاورتها؟ أم حمدوك يحن إلي صحبته القديمة التي تفرقت سافر منها من سافر وبقي منها من بقي وينتظرون فرقعة أصابعه لتشير لهم بإشارة تعالوا وارجعوا؟، أم راح عليه الدرب ويريد أن (يتخارج) ؟.

المواكب الكثيرة التي خرجت ولا زالت يعد لها لماذا تضع وجهتها القصر الجمهوري؟ الذي ظل عصيا عليهم بموجب القبضة الحديدية لقوات الشرطة عليه، لماذا لا تكون المسيرات سلمية وتكون وجهتها أي ميدان غير القصر وتنصب منصات خطابية لتوصيل الرسالة التي يريدها المتظاهرون بصورة حضارية وتنفض بسلام.

أعتقد الرسالة يمكن أن تصل وليس مهما الوصول إلي القصر الجمهوري ، ماذا كانت نتيجة هذه المواكب كانت عناد طرف وقمع طرف آخر والمحصلة النهائية هي القتل والإصابات وإضافة جراحات جديدة للوطن والقديمة منها لم تندمل حتي الآن ولم تجد الطبيب المداوي.

عملية تكميم الأفواه والإعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون ومراسلو القنوات العالمية تارة من المتظاهرين أنفسهم وتارة من الأجهزة النظامية الأخري إن ثبت ذلك، يودي هذا السلوك إلي عدم إحترام الرأي والرأي الآخر وعدم وصول الصورة الحقيقة والمباشرة الحية لما يحدث، يجب علي القنوات أن تنقل الصورة بحيادية تامة دون الميول إلي جهة سياسية معينة وأن تختار من تستضيفهم كمحللين سياسين ممن يتصفون بالحيادية وعكس عين الحقيقة دون لبس النظارة والقميص الحزبي إن كان مع اوضد حتي لا تتهم القناة بعدم الشفافية لنقل الحدث بصورته الحقيقة.

مسألة التدخلات الأجنبية التي كل مرة تظهر هنا وهناك وتصرح كانها الوصية علي هذه البلاد ، العبارات والتصريحات التي تصدر من رئيس البعثة الأممية وظل يطلقها كل يوم يجب أن تدرس قبل أن يفصح بها، التحركات الميكانيكة التي تشبه حركة الاكشن والتي تقوم بها السفارات الأجنبية يجب أن يضبط عدادها ولا يصل سرعته حد صوت صافرة الإنذار والتنبيه.

بلا شك إن الفراغ العريض السياسي الذي كل يوم تتسع مساحته شيئا فشيئا سببه ركوب الراس السياسي الذي يتبع وسببه (علوق الشدة السياسي) الذي يفعل كل مرة دون الرؤية لتحليل الأزمة السياسية وتقديم مبادرات تحظي بتوافق واسع ليس كمبادرة برمة ناصر التي تكتب ويوضعها داخل جيب جلابيته الأنصارية وتسلم للبرهان دون إستشارة حتي الذين معه من (كتلة الثلاته).

الحل يكمن في مؤتمر جامع لكل اهل السودان بما فيهم الأحزاب والكيانات السياسية والإتفاق علي خارطة طريق تنقذ ماتبقي من خراب سياسي واقتصادي بل خراب في كل شييء طال هذا الوطن وظل يعاني منه ردحا من الزمان.. فهل من مجيب ؟

Comments are closed.