مصطفى أبو العزائم يكتب: دعوة لإحياء الأفكار وإنعاش الضمائر

102

من هنا ندعو مراكز البحوث والمفكرين والخبراء والمختصين في شأن التعاون الإقليمي ، إلى العمل من أجل إحياء الأفكار القديمة المتصلة بالوحدة بين الشعوب التي تقف على أرضية ثقافية ولغوية واحدة، وهي أفكار تنزّلت إلى أرض الواقع العربي والإقليمي خلال عهد حكم الرئيس الراحل “جعفر محمد نميري” – رحمه الله – بمد جسور التواصل مع القيادة السياسية في كل من مصر وليبيا بداية سبعينيات القرن الماضي، مصر بكل ألقها وثقلها ووزنها السياسي خلال الحقبة الناصرية، ثم فترة حكم الرئيس “أنور السادات” – رحمه الله – وليبيا إبان توهج شعارات الثورة الجديدة فيها قبل الإنحراف والإنجراف، للذات الذي قاده زعيمها الراحل “معمر القذافي” رحمه الله.

الآن.. وبعيداً عن إنفعالات العموم، وبعيداً عن برود الخصوص والقيادات تجاه القضايا المصيرية الكبرى، والتحدّيات التي تواجه الشّعوب، وحصر الأهداف الكلية، في حماية الأنظمة وبقائها، مع تحريك الآلة الإعلامية في إتجاه ريح السّياسة وما يريده السّاسة؛ لا بد لنا الآن ، وبعد أن تكشّفت أطماع القوى العظمى في بلادنا ، وبعد أن ظهرت المخططات السرّية لإعادة تقسيم الشرق الأوسط وفي أفريقيا إلى مناطق نفوذ ، دون إعتبار لحدود أو شعوب أو أنظمة ، لا بد لنا أن نعيد النظر في بناء علاقاتنا مع الآخرين ، خاصةً في محيط الجوار الأفريقي والإنتماء الثقافي العربي الأفريقي معاً ، حتى نُسقِط تلك المخطّطات التي لا يهمها إن تشرّدت شعوبنا أو تشتّت في أركان الدنيا المختلفة ، ولا بد لنا من أن نوكل الأمر لأهل الإختصاص بعيداً عن الإنفعالات والعواطف ، وأن نوجّه طاقاتنا لحماية أقطارنا والحفاظ على مصالحنا ومصالح أشقائنا في الجوار .

لا نطالب بإعلان وحدة فورية سريعة حتى لا تنتهي بمثل ما بدأت فورية وسريعة ، لا بد لنا ونحن الآن نسعى لأن تكون دولتنا ، دولة مؤسسات وإختصاصات ، أن نبحث عمّا يمكن أن يحافظ على مكاسبنا ومصالحنا ، خاصة مع الجوار القريب ، ونجيء بمصر أنموذجاً ، سبق لبلادنا أن دخلت في تجربة نرى أنها كانت نموذجيّة ، خلال عهدي الرئيسين الراحلين “جعفر محمد نميري” و”أنور السادات” – رحمهما الله – هي تجربة التكامل ، وقد كانت التجربة ناجحة بكل المقاييس في مجالات الإقتصاد ، والحراك المجتمعي الحر بدون جواز سفر ، وتم تبادل للمنافع والسلع والخدمات ، ولم يكن التواصل يتم إلا عن طريق النقل الجوي والنهري والبحري ، وقد تأسّس الآن نقل بري من خلال أكثر من منفذ ، قدّم تسهيلات عديدة في حركة المواطنين والسّلع بأقل تكلفة في المال والجهد والزمن .

فلتبدأ اللجنة المشتركة العليا، وبقية اللجان الوزارية المتخصصة بدراسة سبل التواصل المفضي للمصالح المشتركة ، مع الإستعانة بالمفكّرين والأكاديميين ، ومنظمات المجتمع المدني حتى يصبح الشّعار القديم ، (عاشت وحدة وادي النيل) واقعاً لا مجرد ذكرى ؛ ولتبدأ منظمات المجتمع المدني في البلدين الضغط على أصحاب الرؤى الضيقة والأفكار المريضة والعقول القاصرة ، حتى لا يجدوا لهم مساحة في وسائل الإعلام ، تهدم أساساً في لحظات رغم أن الذين شيَّدوه بذلوا مئات السنين من أجل أن يقوى وادي النيل، ويشد أزر بعضه البعض.. ولتكن الأبواب مشرعة مفتوحة أمام دولة جنوب السّودان ، وأمام أثيوبيا وليبيا وتشاد.. ربما أصبحنا قوة إقليمية يحسب لها العالم ألف حساب.. فقط علينا إحياء الفكرة القديمة وإنعاش الضمائر لصالح الشعوب.
Email : sagraljidyan@gmail.com

Comments are closed.