الزين صالح يكتب: تاريخ معارك الحرية لن يسجل اسماء الغائبين

451

بقلم: زين العابدين صالح عبدالرحمن
أن وحدة الحركة الاتحادية تعتبر من أصعب الأجندة السياسية لعضوية الحركة، رغم أشواقهم لها، وكل أمنياتهم تنصب في الكيفية التي تتم بها وحدة تعزز دور الاتحاديين في العمل السياسي كما كانت وحدة (الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي) في نوفمبر 1967م حيث خرج مولودا جديدا (الحزب الاتحادي الديمقراطي) وتقلد القيادة السياسية السيد إسماعيل الأزهري والرعاية للسيد على الميرغني، وبعد وفاته خلفه السيد محمد عثمان الميرغني.

وبعد انقلاب 25 مايو 1969م من قبل (الشيوعيين والقوميين) أيد محمد عثمان الميرغني الانقلاب، وتسلم القيادة السياسية الشريف حسين الهندي، وبعد موت الشريف عام 1982م في اليونان بدأت الفرقة تضرب جسم الاتحاديين، حيث دخل جزءا مشاركا في مايو، وبقيت الاغلبية خارج دائرة المشاركة تقود النضال ضد الحكم الشمولي. وجاءت إبريل 1985م، وكان الأمل أن توحد الكتلة الاتحادية، وترجع الحزب لسابق عهده، لكن الخلاف كان قد ترسخت قواعده، وثقافته، وضرب الجميع عطر منشم. وهذا الخلاف أدي إلي التشظي في الحركة الاتحادية، وأخرجها كتيار وسط من دائرة الحدث، حيث كانت الحركة الاتحادية لديها القدرة على تقديم المبادرات وطرح الحلول للأزمات. غاب الاتحاديون رغم ثقل جماهيرهم.

والآن تجيء دعوة الميرغني لوحدة الاتحاديين؛ حيث نشرت بعض الصحف حديثا للسيد محمد عثمان الميرغني قالت الصحف جاء حديث الميرغني من خلال تسجيل مصور. أعلن فيه طرح مبادرة وطنية لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، كما كشف عن قرب عودته للسودان لإعلان الوحدة الاتحادية” وأضاف قائلا “إن البلاد تمر بمرحلة دقيقة، تستدعي من الجميع التوجه نحو الوفاق الوطني الشامل لتجنيبها المخاطر والمهددات، وإننا نعلن مع بعض القوى السياسية من أبناء الشعب السوداني لطرح مبادرة وطنية تجمع القواسم المشتركة لكافة أبناء الوطن وندعو القوى السياسية والمجتمعية للقبول بها”.

رغم أن وحدة الحركة الاتحادية مطلوبة، خاصة في هذا الظرف التاريخي الذي تمر به البلاد، إلا أن هناك أسئلة مهمة جدا لابد من طرحها: هل الفديو بالفعل هو حديث الميرغني أم هو دبلجة؟ ولماذا الميرغني يرسل فيديو مادام هو سوف يحضر للبلاد؟ أليس الأفضل حضور الميرغني الذي غاب عن البلاد تسع سنوات ويطلق رؤيته من داخل الخرطوم لوحدة الحركة الاتحادية؟ أم هي المنافسة بين الأخوين والتي جاءت بهذا الفيديو بهدف الاستقطاب في ساحة سياسية مليئة بالتناقضات والمشاكل والأزمات؟ إذا كان الميرغني لم يعود لقيادة شعب استمر يتظاهر قرابة نصف عام حتى انتصر. ولم يعود الميرغني لقيادة شعب كل يوم تحصد ارواحه طلاقات العسكر. هل سوف يقبل العودة فقط لوحدة الاتحاديين. أن التاريخ الذي تسجل فيه بطولات شباب يدفع ارواحه مهرا للحرية والديمقراطية لن تسجل فيه اسماء الغائبين.

المؤكد أن الفيديو هو عمل مدبلج وليس حديثا للميرغني، بقرأة الفقرة التي يقول فيها الميرغني “حرصاً منا على مواصلة إسهامنا في العمل الوطني نعلن قرب عودتنا لأرض الوطن، وقد كلفنا السيد جعفر الميرغني نائب رئيس الحزب للعودة إلى السودان لمتابعة الوحدة الاتحادية” هذا تناقض في القول، أن حضور رئيس الحزب لا يتطلب تكليف أي شخص قبل وصول رئيس الحزب، باعتبار أن كلمة رئيس الحزب هي التي لها تأثير قوي ومباشر على جماهير الحزب، وخاصة آهل الطريقة الختمية. الأمر الذي يبرز هنا دور المنافسة بين الأخوين (جعفر والحسن) ومن خلال هذا الصراع المحموم بين الأخوين في ساحة سياسية مليئة بالأجيال الجديدة رافضة لكل الثقافة السياسية التقليدية، أن تقنعها مثل هذه الخطابات، التي لا تريد أن ترتق للثقافة الديمقراطية، لا تقنع الأجيال الجديدة، بل مثل هذا العمل يقنع فقط الانتهازيين والوصوليين وماسحي الجوخ، والذين يتزاحمون وسط هذا الصراع ويمشون بين الناس بالوسواس الخناس هؤلاء الذين يغيبوا الحزب وأقعدوه كما أن الصراع بين الأخوين قد أثبت عدم النضج السياسي، رغم أنهما قد تعلما في مؤسسات تربوية وتعليمة في الدول الديمقراطية، ونشأوا وعاشوا فيها ، إلا أن عقلية الشيخ والحوار في العمل السياسي مسيطرة عليهم سيطرة كاملة. ويجب عليهما انتظار قول عضوية الحزب في مؤتمر الحزب، على أن يكون اختيار أحدهم من خلال مواعين ديمقراطية، تقول فيها الجماهير رآيها من خلال الانتخاب داخل مؤتمر الحزب. فالأبوية السياسية لا عادت تصلح في العمل السياسي ولا مع الاجيال الجديدة.

وفي الفيديو؛ دعا الميرغني رئيس مجلس السيادة والأطراف السياسية لحوار “سوداني – سوداني جامع دون إقصاء لاي جهة أو تمكين لآخر حتى تتحقق قيم ثورة ديسمبر مع التمييز الايجابي للشباب والمرأة” لماذا لا يحضر الميرغني ويدعو كل الاتحاديين إلي حوار جامع بهدف الوصول لوحدة ( الحزب الاتحادي الديمقراطي) وأن يتفق الجميع على قيام المؤتمر العام للحزب. في المرحلة الأولي أن ترسل كل ولاية خمسة عشر عضوا (خمسة شباب وخمسة شيوخ وخمس نساء) لحضور مؤتمر استثنائي تتم فيه أختيار قيادة للحزب لمدة ثلاث سنوات، مهمتها بناء الحزب في الاحياء والأقاليم بترفيع القيادة من القاعدة للقمة وصناعة لائحة الحزب والمشروع السياسي والتنظيمي، ثم تتم الدعوة لمؤتمر عام للحزب، الذي يختار رئيس الحزب يرشح فيه كل من يعتقد هو الأصلح للمنصب.

أن الحديث عن عودة الميرغني، وأن يلعب دورا مهما في العمل السياسي، هي دعوة تفارق الحقيقة، ويجب على الذين يعتقدون أن مثل هذه الدعوات سوف تكسبهم شرعية، وتسهل لهم عملية الاستقطاب أن يقرأوا الواقع بعقل مفتوح، ويعلموا أن الأجيال الجديدة تتعامل مع السياسة بواقعية، ووعي مبني على معلومات مؤكدة وليست افتراضية. هي ربما تقبل بجعفر والحسن إذا كانا حاضرين سياسيا ولكن لا تقبل بالغائب عنهم وعن المعارك التي خاضوها، وهم يواجهون الرصاص كل يوم بصدور مفتوحة. يأريت آل البربون يفيقوا من غفوتهم. نسأل الله حسن البصيرة

Comments are closed.