آدم تبن يكتب حكاية من حلتنا: هجرة الموارد البشرية

100

عاشت مجتمعاتنا السودانية فى فترات سابقة على مواردها الذاتية خاصة تلك المرتبطة بالمعيشة والحياة الاقتصادية فى مجملها كانت رغدة ورخية تنعم بها الأجداد والأباء وعاشوا حياة هانئة وسهلة وميسورة كانت مضرب المثل فى جلسات إنسهم وسمرهم يتباهون فيها بقيمة عملتهم المحلية الجنيه ونصفه وربعه وخمسه والقرشين والقرش والتعريفة وكم كانت العملة قادرة على منافسة العملات الأجنبية والتفوق عليها لاعتماد الإقتصاد على الصادرات الزراعية التى لها رغبة عالمية لجودتها التى تتميز بها أمام المنتجات الأخرى.

وحكاية من حلتنا تعود بتلك الذكريات المحفزة للعمل والإنتاج لنغير الواقع الذى نعيش واقعا أثر على حياة المجتمع بدد مواردها خاصة الموارد البشرية التى هاجرت إلى الخارج بحثا عن حياة أفضل لها ولأسرها، وإذا قابلت أحد المعارف أو الأصدقاء وقمت بالسؤال عن أحد الأشخاص يأتيك الرد صاعقا، يازول إنت قاعد وين!؟ يا أخى الزول دا سافر بره ليهوه فترة، والبلد دى بقت طاردة الناس كلها سافرت والما سافر عايز يسافر.

والقصص والحكايات يشيب لها شعر الرأس حتى أرباب الأسر بعضهم فضل السفر والهجرة ليس بنفسه فقط بل بجميع أفراد أسرته، تاركا خلفه مراتع الصبا وأصدقاء العمر وذكريات السنين، وهكذا أصبحت الهجرة الملاذ الآمن لمئات الأفراد القادرين على العمل، ورغم كثرة الهجرة إلى الخارج إلى أن بلادنا تعتبر ملاذا آمنا للنازحين واللاجئين من بعض دول الجوار الأفريقي، يتدفقون إليها فى كل لحظة آملين أن يعيشوا فيها بسلام وأمان، ومابين الهجرة واللجوء يظل واقعنا يحكى عن نقص القادرين على التمام فكيف بالله عليكم ببلد تطرد فلذة أكبادها وتستقبل من لايقدم لها شيئاً يذكر، بل يشكل عليها ضغطا فى كل شئ.

وخال لنا يحكى حكاية وقت سابق حكاية فيها عبرة ودرس يؤكد صدق ما ذهبت إليه حكاية هجرة الموارد البشرية، يحكى قائلا بأنهم فى السبعينات ذهبوا الى أداء فريضة الحج وبعد الإنتهاء من موسم الحج وهم فى ميناء جدة إذا بأهل المملكة يخاطبون بعضا منهم، ياحاج يازول تبقى شغل، فقال لى يأتى ردنا إليهم بأننا نبقى أهلنا بمعنى أن بلدنا كانت ذات خير وفير يفيض على أهلها ويزيد فهاهم حجاجها يعودون إليها بعزة وشموخ وزهوا رافضين أن يعملوا بعيدًا عنها لما فيها من خيرات ونعم كثيرة تتدفق عليهم فى كل العام.

فتلك المنتجات الزراعية والثروات الحيوانية والغابية والمائية، تصنع الفارق بين بلادنا والبلدان الأخرى، إلا أننا بعد أن تقدمنا فى التعليم ونال الآلاف منا الشهادات الجامعية العليا، تدحرجت بلادنا عاما بعد عام الى الخلف، وأصبحت تمد يدها بحثا عن الغذاء والدواء والكساء، فياحسرة على بلادنا التى ألهمت المبدعين من الشعراء والأدباء فكتبوا فيها أجمل القصائد والأناشيد الوطنية التى ظلت راسخة فى الوجدان وتتجدد كلما جد جديد فياوطنى سلمت لنا عاليا بين الأمم.

Comments are closed.