مصابيح السما التامنة: «زي التكنو قبل دا مافارقنا زول من بعد الرسول»

366

 كانبرا: ولاء عبدالله عوض
تمر علينا الذكري العاشره للشاعر الراحل المقيم محمد الحسن سالم حميد، شاعر الغلابه والغبش الذي توفي اثر حادث حركة اليم بطريق شريان الشمال يوم الاتنين العشرين من مارس 2020.

وكان الراحل حميد في طريقه من نوري بالولاية الشمالية إلى الخرطوم للمشاركة في احتفالات شركة “زين” للاتصالات بعيد الأم وتدشين ديوان “بحر المودة” للشاعر السر عثمان الطيب.

ولد شاعرنا الراحل المقيم حميد في مدينة نوري بالولاية الشمالية عام 1956، وتلقى تعليمه الأولي والأوسط بمدينة نوري، والثانوي بمدرسة عطبرة الشعبية الثانوية، وعمل في هيئة الموانىء البحرية منذ عام 1978 حتى 1992 متنقلاً بين الخرطوم وبورتسودان.

ولحميد عدة دواوين منها: حجر الدغش، مجموعة نورا، الجابريه، ست الدار، مصابيح السما التامنة وطشيش.. ومن أشهر قصائده “نورة” و”أرضاً سلاح” و”عم عبدالرحيم” و”ياتو وطن” و”من حقي أغني” و”الضو وجهجهة التساب” و”لبن الطيور”.

وعرف الشاعر حميد بقصائده التي طوع من خلالها العامية السودانية، متناولاً عبرها مواضيع السلام والحكم والبسطاء.

وتغنى للشاعر حميد العديد من الفنانين أبرزهم الراحل مصطفى سيد أحمد، بجانب فناني الطمبور صديق أحمد وميرغني النجار ومحمد جبارة ومحمد النصري وتغنت له ايضا فرقة عقد الجلاد .

تخصص حميد في الشعر العامي واهتم كثيرًا بقضايا وهموم الموطن وكانت بدايته بالشايقية البسيطة دون المساس بالقبلية او العنصرية او الانحياز لفئة أو قبيلة معينة، وامتاز شعر حميد بالايضاح وذكر الحبيبة بالاسم دون غيره من الشعراء ففي شعره العديد من النساء باعتبارهم شركاء في الحياة العامة وليست معادلات للوطن كزوجة واخت وخالة وعمة وغيرها في قصائده مثل (ام الحسن في قصيدة عم عبد الرحيم) وست الدار بت احمد جابر، ونورا وعيوشة عيوشة.

حميد شاعر تنهض قصائده الشعرية بالحب والحياة والتركيز علي قضايا المستضعفين والمرأة .

كان أحد الرواد الذين شكلوا وجدان الشعب مما جعل له شعبية كبيرة في كل طبقات المجتمع، لقب بشاعر الوطن وعرف بكتاباته النضالية ومصادمته للحكومات التي تعاقبت على حكم السودان، لحنت قصائده وغناها مطربين مشهورين بالسودان.

تعد قصائد حميد وأشعاره المزود الرئيسي لشعارات الثورة السودانية (ثورة 19 ديسمبر المجيدة) التي اسقطت الدكتاتور عمر البشير في الحادي عشر من أبريل 2019. ولحميد عدد من الدواوين منها (حجر الدغش، مجموعة نورا، الجابرية، ست الدار ، الرجعة للبيت القديم (دار عزة للنشر والتوزيع-2003 ، مصابيح السما التامنة وطشيش دار عزة للنشر والتوزيع 2004َم أرضاً سلاح (يناير 2012م) عاش حميد سنوات طويلة في المنفى في رحلة البحث عن الوطن المستحق ذلك الجميل فينا والمسروق منا.

وفي فترة غربته الاضطرارية في دولة قطر والمملكة العربية السعودية قاد حراكاً ثقافيا وفنياً مع عدد من المبدعين السودانيين المتواجدين هناك وشكّل حضوراً في مئات المنابر من أهمها ليلة تكريم الروائي العالمي الطيب صالح بالرياض، صدر له في دولة الأمارات ديوان مصابيح السماء التامنة وطشيش مصحوباً بكاسيت، كما تم استضافته من قبل دولة الامارات والتجمعات السودانية على العديد من المنابر من بينها النادي السوداني والمجمع الثقافي بأبوظبي في ليلة مشهودة. أدّت عودته إلى حراك ثقافي ملحوظ مع رفاقه حتّى أنه صعد على المنابر لمئات المرات في كآفة أصقاع السودان عدا الجنوب والغرب الأقصى لظروفها المعروفة… وفي هذه الفترة القصيرة أصدر ستة عناوين شعرية.

عمل حميد بعد عودته مديراً لإدارة النشر والتوزيع بدار الأشقاء للطباعة والنشر والتوزيع لمدة عامين، بعدها تفرغ للفعل الثقافي والطوعي الإنساني ومن ثم عاد مزارعاً وسط أهله.

من المؤسسات الأدبية والاٍجتماعية والإنسانية والخدمية التي ساهم في تأسيسها وتفعيلها (نادي الطنبور ، رابطة أبناء منطقة نوري بالخرطوم في بداية الثمانينيات، اتحاد الكتّاب السودانيين عقب انتفاضة “مارس ابريل”، وقبلها كان ممثل الهيئة النقابية لموظفي الموانئ البحرية في التجمع النقابي والذي قاد الانتفاضة، اللجنة العشرية للمتأثرين بفيضان 88 بجريف نوري، الصندوق الخيري لأبناء نوري بدولة قطر ، كيان الشمال “جماعة ضغط اجتماعي سياسي”، منظمة بنجد الخيرية، جماعة الدليب الثقافية الفنيّة، عضو معاون لمجلس إدارة مشروع اللار الزراعي بالمنطقة ، الفرع 114 للجمعية السودانية لحماية البيئة بنوري، كما عمل في جمعية تنمية الجريف الخيرية بحكم استقراره الأخير بالمنطقة وتبني العديد من المشاريع الخيرية بالمنطقة وعلى نطاق البلد وفي مقدمتها مشروع تنقية محطة مياه الجريف نوري وبناء نادي وساحة فريق الاتحاد الرياضي بنوري ودار إشراقة لرعاية الأمومة والطفولة هذا فوق عنايته بالمدارس والمراكز الصحية ودور العبادة بالمنطقة).

وذُكر رحيل حميد بكثير من الأسى، لشاعر أفنى حياته مناهضاً للدكتاتورية، وداعية للحرية والسلام. وياااااحميد اقيف شوف القلوب محنانة.

Comments are closed.