حكايه من حلتنا يكتبها آدم تبن: المائدة الرمضانية من إبداعات نساء بلادي

340

تتميز مائدة الإفطار الرمضانى فى بلادنا عن بقية بلدان العالم الإسلامي لاعتمادها فى الغالب الاعم على مكونات غذائية محلية معروفة بعدد من أصناف الأكل والشراب، تتباين من منطقة إلى منطقة، لكنها تصطبغ بالصبغة المحلية، فالعصيدة كوجبة رئيسة فى الإفطار تختلف مكوناتها من الذرة المحلية فهناك من يصنعها من الذرة المخلوطة ومنهم من يصنعها من الذرة الخالصة وتتعدد أنواع الإدام وبلغتنا المحلية (الملاح) الذى تأكل به بين هذه المجتمعات، وهكذا هى مائدة الإفطار الرمضانى تتميز بشتى المنتجات المحلية التى أبدعت المرأة السودانية أيما إبداع فى إخراجها بثوب ناصع لا تتخلله شوائب.

وحكاية من حلتنا تعرف كثيرا من أسرار إبداعات المرأة فى داخل مطبخها خاصة عندما يحل ضيفا كريما مثل شهر رمضان ومن خلال مائدة الإفطار تقدم المرأة كل مالذ وطاب من الطعام والشراب مايدهش الصائمين ويحفزهم على تناول الإفطار بشهية مفتوحة، فهنا لايمكن إرجاع قليل من الطعام أو الشراب فالصناعة متميزة لا تدخر المرأة جهدا إلا بذلته من أجل أن تتميز مائدتها الرمضانية عن بقية الموائد إن داخل المنزل أو خارجه، فتجدها تجتهد فى صناعة المأكولات والمشروبات يومياً دون أن تقدم اعتذارا حتى وإن كانت مريضة، فتتحامل على مرضها لتنال أجر إفطار الصائم الذى وعدنا به رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.

فحق لنا أهل السودان أن نفخر ونفاخر بأمهاتنا وزوجاتنا وخالتنا وعماتنا وبناتنا اللاتى يكون لهن فى شهر رمضان النصيب الأكبر فى تحمل مصاعب إعداد مائدة الإفطار والعشاء والسحور فهى مصاعب ومتاعب لا تتحملها إلا النساء فقد أعددن إعدادا جيدا فى بداية حياتهن وتم تدريبهن تدريبا عمليا وأصبحن مؤهلات وقادرات على تحمل المسئولية مهما كبرت وتشعبت وتعددت إحتياجاتها، فداخل الأسرة تجد (المريض) الذى لايأكل أو يشرب إلا طعاما أو شراب معين لا يتناول غيره خاصة فى المدن والمناطق الحضرية حيث يحافظ المرضى على تناول أنواع معينة من الأطعمة والمشروبات حتى لاتتضر حالتهم الصحية.

وبالمقابل تجد صغار السن من الأطفال والصبيان غير المكلفين داخل الأسرة يحتاجون إلى وجبات سريعة خلال نهار الصيام فكل تلك المسئوليات تتحملها المرأة برحابة صدر وقلب طيب وروح مليئة بالحب والعطف والحنان على أفراد أسرتها كبيرة كانت أو صغيرة، فيا لعظمتهن ووفائهن، وعليهن أن يحددن أنواع الطعام والشراب لمائدة الإفطار فتجد كل يوم أصناف مختلفة فى المائدة الرمضانية رغماً عن تعب الصيام والقيام إلا أنهن يحافظن على مواصلة طبيعية ومنتظمة لمائدة الإفطار الى نهاية شهر رمضان، فالجميع يعلم أن مكانتهن محفوظة فى داخل أسرهن ولايمكن مكافئتهن مهما قدم لهن من شكر وتقدير وهدايا عينية أو مادية نظير ما يقمن به عمل وجهد عظيم.

فهنا صوت أحد الأمهات تنادى على أحد أبنائها ياولد تعال شيل صينية الرجال خلاص جاهزة، ونداء آخر يابت تعالى طلعى الصينية دى على الباب لأبوك عشان يحصل الفطور، ونداء آخر ياولد تعال شيل الشاى والقهوة لناس الضراء، وهاك يابت ودى الفطور دا لناس حبوتك سريع، فجزاهن عند الله تعالى الذى لا يضيع أجر من أحسن عملا، ورمضان يمضى سريعاً علينا أن نتذكرهن وندعو لهن بالتوفيق والرحمة والمغفرة والعتق من النار وأن يتقبل الله منهن صالح الأعمال فى العبادات والعادات وهو القادر على ذلك فالبيوت من غير المرأة تصبح كبيوت الأشباح لا داخل عليها ولاخارج منها يتحاشى الجميع الاقتراب منها.

Comments are closed.