الزين صالح: السودان وأريتريا مدخل آخر للمبادرات

108

بقلم: زين العابدين صالح عبدالرحمن
أن المبادرات الخارجية لحل الأزمة السياسية السودانية ليس دلالة على أريحية السودانيين، وسعة الصدر عندهم، التي تتمثل في استقبالهم العديد لممثلي دول الجوار أو المجتمع الدولي، بل هي حالة سالبة تؤكد عجز العقل السياسي السوداني، وهذا العجز يجعله يفتح كل الأبواب للتدخل الخارجي في الشأن السوداني، وهناك العديد من القيادات لا تعتقد أن تقديم المبادرات من الخارج ليست هي حالة سالبة بل هو عملية تسهيل لعملية البحث عن حل للأزمة السياسية السودانية.

في بداية شهر إبريل جاء وزير الخارجية الأريتري في زيارة للسودان التقي فيها برئيس مجلس السيادة وعدد من من اعضاء مجلس السيادة، وأيضا عدد من السياسيين، كانت الزيارة السماح لهم أن يقدموا اسهامهم لحل المشكل السودان باعتبار أن أريتريا لها علاقة وطيدة بعدد من القيادات السياسية السودانية خاصة أولئك الذين كانوا أعضاء في التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يتخذ من الأراضي اريتريا قاعدة لمواجهة نظام الإنقاذ. وقد وجد الوفد الاريتري الضوء الأخضر لكي يسهم في حل المشكل السوداني.

ورجع الوفد الى أسمرة لكي يقدم رؤيته للرئيس أسياس أفورقي ثم يأخذ منه الضوء الأخضر لكي يقدم رؤية متكاملة لطبيعة الصراع والاختلاف ومعرفة آراء القوى الفاعلة، ثم صد الوفد راجعا للخرطوم بعد ثلاثة أيام واستطاع أيضا أن يلتقي بالقيادات العسكرية وقيادات في الجبهة الثورية، والتقى بقوى الحرية والتغيير في المركزي ومجموعة الميثاق، وعدد من قيادات لجان المقاومة، كما التقي الوفد بعدد من قيادات الشرق في المكونات المختلفة، إلي جانب اللقاءات مع عدد من الشخصيات السودانية المهتمة بالشأن السياسي، وخاصة أولئك الذي لديهم رؤى لحل المشكل. هذه اللقاءات اقنعت الوفد أن أريتريا يجب أن تقدم مبادرة تقارب بين المكونات المختلفة تمهد الطريق لحوار سوداني سوداني بعيدا عن الإملاءات الخارجية. ويعتقد الوفد؛ أن الشعب السوداني يجب أن يقدم على الحوار بعيدا عن التدخلات الخارجية. ومعروف أن رأى الرئيس أسياس أفورقي؛ يعتقد أن واحدة من إشكاليات المنطقة، وخاصة منطقة القرن الأفريقي، التدخلات التي تقوم بها بعض الدول الغربية وأمريكا وغيرها. كما أن الرئيس أفورقي يعتقد أن مسألة الشراكة بين المدنيين والعسكريين يجب أن تستمر لفترة، لأنها تشكل صمام أمان بالنسبة للإستراتيجية الأمنية للدولة، خاصة أن البلاد فيها كمية كبيرة من السلاح خارج سيطرة الدولة.

وهناك تخوف أريتري من تدخل المجتمع الدولي في السودان، في اعتقاد أنه لا يتوقف على حدود السودان، بل سوف يمد أنفه للأخرين، أو أن يخلق أدوات ومؤسسات له، ولا يستبعد هذه المؤسسات ترسل إشعاعاتها لدول جوار السودان لكي تجعل لها موطئ قدم فيها لتحقيق مصالحها، وإذا استطاعت القيادات السودانية أن تتوافق في حوار بينها، سوف تصل لنتائج تحقق شعارات الثورة والتغيير، وتكون قد حفظت بلادها من التدخلات الخارجية، وتكون أيضا قد ساهمت في حماية كل منطقة القرن الأفريقي وأفريقيا بصورة عامة من تدخل الخارج في شؤونها الداخلية.

لكن السؤال المهم الذي يجب أن تجيب عليه القيادة الاريترية: أن الأزمة السياسية الحادة في السودان بسبب عقليتين متنافرتين: العقلية الأولى دائما تثير قضية الإستراتيجية الأمنية وحماية الدولة من التدخلات الخارجية لكي تبرر استمرار هذه العقلية في السلطة هروبا من عملية التحول الديمقراطي، وهي الإشكالية التي تعيشها أيضا اريتريا. والعقلية الثانية تدعم عملية التحول الديمقراطي، لكنها لا تملك الرؤية لهذه التحولات. السؤال: مع أي عقلية سوف تقف اريتريا. أن اختيار اريتريا لواحدة من العقليتين سوف يبين إذا كانت تجد مبادرتها القبول من الشارع أو رفضها.

ويقول أحد الذين التقى بهم الوفد الاريتري “أن الوفد الاريتري متفائل بأنه يستطيع أن يقدم مبادرة تكون مقبولة من قبل الجميع للعلاقة القوية بين السياسيين السودانيين وأسمرا، وأيضا مع العسكر. لكن اريتريا متخوفه من النفوذ المصري في السودان، خاصة بعد ما قدم السيد الميرغني مبادرة له، رغم أن مبادرة الميرغني أغلبية الاتحاديين لا يعرفون عنها شيئا، ولم تقدم تفاصيل لكي ترقى للمبادرة السياسية، الأمر الذي يؤكد ليس للمصرين علاقة بها.

ورغم ذلك؛ تتخوف أسمرا أن تفهم مصر أنها تريد تحجيم نفوذها، لكن اريتريا تريد أن تتفهم مصر أنها تسعى فقط لإيجاد حل سياسي في السودان يؤمن السلام والاستقرار، وذلك سوف يكون خطوة مهمة لعملية السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. وشعب كل دولة هو الذي يحدد النظام الذي يريده دون تدخلات خارجية في الشأن الداخلي لها. الأمر الذي يجعل كل الدول أن تذهب مباشرة إلى قيام علاقات طيبة بينها تتركز على عملية البناء والتنمية والعلاقات الاقتصادية المتطورة. نسأل الله حسن البصيرة.

Comments are closed.