مصطفى ابوالعزائم يكتب: «الإختيار» أيّام مصر العصيبة

163

حقِيقةً لم أتابع الفضائيات السّودانية أو العربيّة التي تنشط فيها الأعمال الدرامية، والغنائية، والترفيهية خلال شهر رمضان من كل عام، ومثلي كثيرون شغلتهم أمور أخرى وأهم ؛ وربما كانت أجهزة التحكّم عن بعد قد وقفت عند قنوات القرآن الكريم أكثر الوقت، وعند القنوات الإخبارية العالمية أو العربية، رغم تصنيفاتها، والظلال السّياسيّة التي تغطيها.

صدفة محضة جعلتني أقف لدقائق عند إحدى القنوات الفضائية المصرية، لأنني شاهدت ممثلاً يؤدي دور الرئيس عبدالفتاح السيسي، كأنه هو، في مسلسل تلفزيوني يتم بث الجزء الثالث منه هذا العام، ويحمل إسم “الإختيار 3” رغم أن صاحبكم لم يشاهد أيٍّ من الجزئين السّابقين، ولم ينتبه للجزء الثالث إلّا عن طريق الصدفة، في أواخر شهر رمضان المبارك.

إكتشفت لاحقاً إن هذا المسلسل المصري، يتمّ بثّه على عدد من القنوات الفضائية المصرية والعربية، وإنه يتناول فترة حساسة من تاريخ الحياة السياسية في الشقيقة مصر ، هي فترة الثورة الشّعبية المصريّة، ضدّ حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، والتي أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة به، عن طريق الجيش وإيداعه السّجن، وتعطيل الدستور ، وتولّي رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور مهام الرئاسة مؤقتاً إلى حين إجراء الإنتخابات الرئاسية .

 إهتممت بالموضوع لأنني من الصحفيين السّودانيين القلائل الذين تابعوا تفاصيل الثورة المصرية منذ لحظة الخروج عن الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، رحمه الله، إلى حين الإطاحة به، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير في العام 2011 م.

أذكر أنني غادرت إلى القاهرة في النصف الأول من فبراير من العام 2012 م، ضمن الوفد المرافق لمولانا أحمد إبراهيم الطاهر، رئيس المجلس الوطني آنذاك، في زيارته إلى مصر الممتدة من السّابعِ وحتى العاشر من فبراير ، وكان الوفد يضم عدداً من مستشاري رئيس الجمهورية في ذلك الوقت، إضافة إلى عدد من رؤساء اللّجان البرلمانية .

توقيت الزيارة جاء مناسباً تماماً معي، إذ أنني لم أتشرف بزيارة مصر الشقيقة بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم إن الزيارة تجيئ في أعقاب إنتخابات مجلس الشعب المصري، ولم يكن صحفيين مرافقين للوفد الرسمي سوى الأستاذ راشد عبدالرحيم رئيس تحرير صحيفة “الرائد” في ذلك الوقت، وكاتب هذا المقال.

كما أشرت سابقاً ضم الوفد كلاً من السّادة البروفيسور إبراهيم أحمد عمر ، والدكتور غازي صلاح الدين، والأستاذة رجاء حسن خليفة ، وثلاثتهم مستشارون لرئيس الجمهورية إلى جانب عضويتهم بالمجلس الوطني ؛ كما ضم الوفد الأساتذة الفاضل الحاج سليمان، رئيس لجنة التشريع والعدل بالمجلس، ومحمد الحسن الأمين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، والدكتور كمال عبيد رئيس لجنة الأمن والدفاع ، البروفيسور الحبر يوسف نورالدائم ، رئيس لجنة التربية والتعليم ، وآخرين .

إذاً التوقيت كان مهماً على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وعلى مستوى المؤسسات النظيرة، وعلى المستوى المهني بالنسبة لشخصي، لإهتمامي بالعلاقات بين شطري وادي النيل، ولأن برنامج الزيارة كان يتضمّن ، لقاءات مهمة من بينها لقاء مع المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى القائد العام للقوات المسّلحة المصرية آنذاك، ولقاء آخر مع الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشّعب المصري الجديد وقتها، ولقاءات أخرى مع رؤساء عدد من اللّجان في مجلس الشعب .

الزيارة كانت حافلة باللقاءات وكان من مفاجآتها اللقاء الذي تمّ بالدكتور محمد بديع عبدالمجيد، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، في المركز العام للجماعة بالمقطّم، وقد دار نقاش طويل بين الوفد الزائر وبين جماعة الإخوان في مقرّهم ، حول قضايا كثيرة، وكيفية إستعدادهم للإنتخابات الرئاسية، التي قال المرشد أنهم يبحثون لها عن مرشّح من خارج الجماعة لمقعد الرئاسة، وقال أنهم مازالوا يبحثون عنه ؛ وهذا هو ما أثاره مسلسل ” الإختيار ” في جزئه الثالث، وأعاد إلى الذاكرة تفاصيل تلك الرحلة، وهو ما نواصل فيه غداً بإذن الله، ونحاول التوثيق لما عايشناه بحكم المهنة، حتى لحظة ثورة الثلاثين من يونيو الشّعبية التي أطاحت بالرئيس مرسي ، وجاءت برئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور .

ثم كانت زيارات وزيارات بعد ذلك، إلى مصر الشقيقة، تابعت من خلالها تطورات الأوضاع فيها، وكيف إلتقيت بالمرشح الرئاسي بعد ثورة الثلاثين من يونيو، الفريق وقتها عبدالفتاح السيسي ، وجلست إليه قرابة الثلاث ساعات.

Email :  sagraljidyan@gmail.com

Comments are closed.