ياسر الفادني يكتب (من أعلى المنصة): الحركات المَسَلَخَة!

551

سبق أن أشرت في مقال سابق إلي أن الحركات المسلحة سوف تتسلخ أي يحدث لها التشظي وأقصد الحركات التي وقعت علي السلام وغير الموقعة ، لعل بطء عملية الترتيبات الأمنية ألقت بظلالها السالبة علي تماسك ووحدة الحركات المسلحة أضف إلي ذلك إستئثار بعض القيادات بالتقوقع في وضع القيادة والتشبس بها وتعيين المقربين لهم وإقصاء آخرين .
ماحدث في حركة الجبهة الثالثة تمازج هو خير دليل علي ذلك ، هذه الحركة هي من الحركات التي وقعت علي سلام جوبا ، برزت خلافات فيما بينها تطورت إلي أن رئيس الجبهة أصدر قرارا بموجبه اعفى القائد العام وعين مكانه قائد آخر، هذا التغيير أحدث خلافات حيث أن بعض القيادات رفضت هذا القرار ، والجدير بالذكر أن بعض الحركات المسلحة الأخرى إتهمت تمازج الجبهة الثالثة بأنها صنيعة استخباراتية تتبع لكتائب النظام السابق.
هنالك تذمر وتململ من منسوبي هذه الحركات التي وقعت علي السلام فلا نستغرب حين يحدث فصيل تمرد علي حركته، المعروف أن الحركات التي بدأت بالتمرد في عهد البشير كانت تحسب بأصابع اليد الواحدة لكن هذه الحركات إنشطرت لعدة حركات أخري ، حتي داخل إتفاق جوبا حدث إنقسام داخل بعض هذه الحركات مما جعل الوسيط الجنوبي يجتهد أكثر في عملية التوفيق بينهم وسوقهم إلى التوقيع.
الآن الحركات المسلحة تجاوزت الخمسين حركة منها من وقع و منها لازال يحمل السلاح ، حتي شكل الصراع المسلح مع الحكومة أصبح يختلف من ما كان عليه في عهد البشير ، معظم هذه الحركات أخذت الطابع الاثني والقبلي ويمكن أن تصنف حركة كذا وكذا تتبع للقبيلة الفلانية حتي داخل القبيلة تجد عددا من الحركات.
الشييء المخيف هو أن بعض هذه الحركات ليست علي قلب رجل واحد ، فالذي حدث في غرب دارفور أن خالف قائدا ثاني تعليمات قائدهم العام وركب رأسه في أمر وقتل في مستشفي الجنينة ، الذي يخيف أيضا تفلت بعض المنسويين وعدم انضباتهم تسبب في أحداث دامية راح ضحيتها أبرياء مثلما حدث في جبل مون وكرينك إلخ.
أما عن الحركات التي لم توقع علي إتفاق جوبا فحدث ولاحرج ، هؤلاء يقاتلون بعضهم البعض، بل هم سبب أساسي في الإنفلات الأمني بدارفور ويفعلون العجب العجيب مثل حرمان أكثر من 200 طالب للجلوس للامتحانات النهائية كما حدث قبل يومين في شرق الجبل.
إن تشظي هذه الحركات وإنشطارها ليس من المصلحة وينعكس هذا علي المسألة الأمنية في ولايات دارفور ويخلق سيولة وهشاشة أمنية ويحدث القتل والحرق والتشريد للمواطنين العزل وتجعل المعسكرات بالقرب من المدن ماوي لهم وملاذ غير آمن ، ويصعب السيطرة علي هذه التفلتات من قبل الحكومة لكثرة جبهات التفلتات.
علي الحكومة أن تسرع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لأن طول الأمد تتفرق هذه الحركات ويتفرق دم إتفاقية جوبا علي هذه الحركات التي انسلخت من أصلها و (فرزت عيشتها) فمتي يتفق هؤلاء علي كلمة سواء علمها عند ربي .

Comments are closed.