حكاية من حلتنا.. دعاش الخريف

114

بقلم: آدم تبن
هاهى أجمل الأيام تعود علينا ونتنسم هواها العليل القادم من الجنوب الغربى حاملاً معه الهمبريب والدعاش وريحة المطر والرزاز حيث تضاهى أيام فصل الخريف فى بلادنا جميع بلاد الدنيا بخضرتها الطبيعية اليانعة ومياهها العذبة وأصوات العصافير والطيور وهى تشقشق فوق الأغصان ونواح الثروة الحيوانية فى المراعى والحظائر، هى أيام رائعة لمن عاشها بروحه وجسده تبث فيه روح العمل والنشاط والحماس والتعاون لاتفتر همته وعزيمته الى أن يصل لنهاية فصل الخريف.

وكثير من الناس يجهل قيمة فصل الخريف فهو يمثل قيمة اقتصادية واجتماعية لأهل القرى والبوادى والفرقان، فبغيره تكون حياتهم مختلفة فى كل شى والخريف موسم النماء والخضرة والعمل سواء فى المزارع والمراعى أوالمتاجر، الكل مهموم بمعاشه وعمله ومن يجتهد ويبذل مافى وسعه بالتأكيد سيحصد ما يفرحه ويسره، ومن يتكاسل ويتمنى على الله الأمانى فيكون حصاده الندم والحسرة وعندها ساعة لامندم فعندما تعطى الزراعة فإن خيرها سيصل الى الجميع.

ومن المفارقات العجيبة فإن الجميع يحدثك عن الزراعة والرعى ويحثك على التوجه إلى العمل والاستثمار فيهما وفى ذات الوقت تجد الجميع عازفون عنهما لأسباب متشابهة يمكن أن تعالج إلا أن البحث عن الحلول يستعصى على الناس فتجدهم يبحثون عن الرزق وزيادة مداخيلهم فى مجالات أخرى يمكن أن تساعدهم فى تحقيق طموحاتهم الكبيرة إن نجحت أو تجعلهم فى مأمن من الفقر فهنالك مهن كثيرة فتحت أبوابها لأهل الزرع والضرع ورحبت بهم وجرى الرزق الحلال بين أيديهم فهو مبتغاهم لكسب معاشهم والعيش فى طمأنينة وعزة نفس فأسواء مايتعرض له الإنسان إن يذل وتكسر عزته فى كسب معيشته ورزق أولاده بالحلال.

ويقول الناس عن فصل الخريف أن “الخريف اللين من بشايرو بين” وبشارات الخريف هى ريحة الدعاش الماطرة وتدفق الأمطار بغزارة من أول عينه فى الخريف وظهور الطيور المهاجرة الباحثة عن الماء والغذاء والمأوى ومعروف أن فترة الجفاف أو الصيف تصعب فيها الحياة للإنسان ناهيك عن الحيوان والطيور والنبات، الجميع يحتاجون إلى الماء للبقاء على قيد الحياة فالماء هو عصب الحياة ولايستطيع كائن حى العيش بدونه.

الخريف يمنح الكائنات أملاً جديداً فى الحياة حيث يوفر الماء للكل ويوفر المرعى والعشب للحيوانات والطيور والحشرات وتبدأ فيه دورة حياتها المعتادة فالطيور مثل “السمبر أو الكلجو والرهو والقمارى والبلوم والعصافير الصغيرة” تبنى أعشاشها على الاغصان وتتلاقح وتبيض وتلد وتربى صغارها ليكونوا غداً ضمن مواكب هجرتها إلى بلاد بعيده بدون متاع ولا فى إيده جواز سفر تقطر تلك المسافات الطويلة دون إذن من أحد إلى أن تصل إلى وجهتها المقصودة.

وهكذا تستمر هذه الصورة عاماً بعد عام تعود نفس الطيور بذات المسار وترجع آمنة مطمئنة لاتخاف إلا من أذى من يصيدها للغذاء أو اللهو أو الزينة ويا مطر عز الخريف.
ودمتم

Comments are closed.