العيد الوطني الروسي.. قراءة في التاريخ والحاضر

224

متابعة ورصد: (صحوة نيوز)
في الثاني عشر من يونيو تحتفل روسيا الاتحادية بيومها القومي – يوم روسيا. وذلك للاحتفاء بالإعلان عن سيادة دولة جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية في الثاني عشر من يونيو 1990 كان هذا الاسم الرسمي لروسيا في ذلك الوقت والذي يعود إرثه التاريخي الى عدة قرون.

الأراضي الواسعة التي تشكل رقعة دولة روسيا اليوم، كانت مأهولة بالسكان منذ الاف السنين، وأول تأسيس لدولة روسيا كان في العام 862 على يد للأمير روريك، الذي أصبح حاكم نوفقورد (مدينة في شمال غرب روسيا الحديثة).

بعده استولى روريك على مدينة كييف (عاصمة أكرانيا الحالية) وبدا بوضع الأساس للدولة الروسية من خلال جعلها دولة كييفان روس (روسيا الكييفية). هذا الإرث كان لثلاث دول سلافية حديثة: روسيا وبيلاروسيا وأكرانيا. هذه الدولة التي أدخلت المسيحية من خلال تأثير الإمبراطورية البيزنطية في العام 988.

خلال القرنين العاشر والحادي عشر أصبحت كييفان روس دولة ذات نفوذ في شرقي أوروبا، ووصلت مجدها خلال عهد الأمير فلاديمير الأعظم (958 – 1015) وياروسلاف الحكيم (978 – 1054). في منتصف القرن الثالث عشر وقعت تلك الأراضي كغيرها في يد الاحتلال المنغولي.

في القرن الرابع عشر نهضت إمارة موسكو وأخرجت المنغول من الحكم في العام 1480. في العام 1547، توجى الأمير إيفان الرابع الرهيب نفسه أول قيصر على روسيا (وأسماها “روما الثالثة”). في العام 1613، إعتلى القيصر ميخايل رومانوف العرش، وهو الذي أسس عائلة رومانوف القيصرية التي حكمت روسيا لثلاثة قرون.

إن نبض دولة روسيا اشتد من خلال القيصر بطرس الأكبر (1689 – 1725). وهو قام بتحويل روسيا الى الإمبراطورية الروسية التي أصبحت إحدى الدول العظمى في أوروبا. ونقل بطرس الأكبر العاصمة الروسية من موسكو الى سان بطرسبورغ، تلك المدينة التي أسسها على سواحل بحر البلطيق. في روسيا يقول الناس ان بطرس الأكبر قام بشق النافذة الى أوروبا.

خلال القرن التاسع عشر شهدت الثقافة الروسية رواجا اكتسب فيه كتاب عظام مثل بوشكين ودوستويفسكي وتولستوي والملحنين مثل تشايكوفسكي وبوردين وموسورجسكي شهرة عالمية.

كانت نقطة التحول في التاريخ الروسي هي أحداث بداية القرن العشرين. منذ ثورة 1917 انطلق عصر الاشتراكية وهو من أشهر العصور في التأريخ الروسي. هذا ليس وقت التحولات الاجتماعية فحسب، بل إنه وقت الإنجازات والانتصارات والاكتشافات العلمية العظيمة. كان للنظام الاشتراكي تأثير كبير على تطور روسيا الحديثة.

يمكن تتبع إرث هذا العصر في الاقتصاد والسياسة والثقافة والفنون وغيرها من مجالات المجتمعية. العالم بأسره يعرف أسماء قادة العصر السوفيتي: فلاديمير لينين، جوزيف ستالين، نيكيتا خروتشوف، ليونيد بريجنيف.

شاركت روسيا في كلتا الحربين العالميتين. في الحرب العالمية الأولى قاتلت تحت اسم الإمبراطورية الروسية، ثم الجمهورية الروسية، وفي الحرب العالمية الثانية تحت اسم الاتحاد السوفيتي. كانت كلتا الحربين أصعب محنة لشعبنا.

كان غزو ألمانيا النازية في يونيو 1941 للاتحاد السوفيتي اطلاقة للحرب الوطنية العظمى (1941-1945) ضحى أكثر من 27 مليون مواطن سوفيتي بأرواحهم من أجل الانتصار على النازية وتحرير بلادهم والبشرية جمعاء من استعباد هتلر.

في عقود ما بعد الحرب، تم تحقيق العديد من الإنجازات العظيمة في الاتحاد السوفيتي. وهذا يشمل التعافي الاقتصادي والرخاء الاجتماعي واستكشاف الفضاء والطاقة النووية. كان الإنجاز المهم لهذه الفترة هو التوازن العسكري من حيث الترسانات النووية والصاروخية للقوى العظمى، مما ضمن السلام والأمن العالميين.

في 12 يونيو 1990، في أول مؤتمر لنواب الشعب لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية (RSFSR)، تم اعتماد إعلان سيادة الدولة لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية كجمهورية ضمن الاتحاد السوفيتي. وتم أيضا الإعلان عن سيادة دستور وقوانين جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية على تشريعات الاتحاد السوفيتي، ومنح حقوق متساوية لجميع المواطنين والأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية، ومبدأ الفصل بين الفروع الثلاثة للسلطة – التشريعية والتنفيذية والقضائية.

كما تم التأكيد على أن الإعلان هو الأساس لإعداد دستور روسيا الجديدة. اما الإعلان فوقع عليه رئيس مجلس السوفيت الاعلى لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية آنذاك، بوريس يلتسين، الذي أصبح فيما بعد أول رئيس لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية.

في 25 ديسمبر 1991، أعلن رئيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية (الاتحاد السوفيتي)، الزعيم الثامن والأخير للاتحاد السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، استقالته ونقل الصلاحيات، بما في ذلك مفاتيح التحكم بالترسانة النووية، إلى رئيس جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية بوريس يلتسين. في مساء ذلك اليوم، تم إنزال علم اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية من الكرملين واستبداله بالعلم الروسي (علم جمهورية روسيا قبل الثورة البلشفية).

في 21 أبريل 1992، تم تغيير اسم روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية إلى روسيا الاتحادية.
في 11 يونيو 1992، تبنى مجلس السوفييت الأعلى لروسيا الاتحادية قرارًا يعلن 12 يونيو “يوم إعلان سيادة دولة روسيا الاتحادية”. أقيم احتفالها الرسمي لأول مرة بعد ثلاث سنوات في 12 يونيو 1995 وحصل العيد أيضًا على اسم غير رسمي – “عيد الاستقلال” ومع ذلك، لم يتم استخدامه مطلقًا في الوثائق الرسمية، على الرغم من تداوله في وسائل الإعلام.

في عام 1998، في خطاب متلفز، اقترح الرئيس بوريس يلتسين تغيير مسمى “يوم إعلان سيادة دولة روسيا الاتحادية” وهو مطول وصعب للتداول الى مسمى مقتصر “يوم روسيا”، وتم اعتماد الاسم الجديد في عام 2002.

في يومنا هذا يرمز يوم روسيا إلى الوحدة الوطنية والمسؤولية المشتركة للمواطنين الروس عن حاضر ومستقبل وطنهم. هذا هو عيد الحرية والسلام، يوم ميلاد دولة روسية ديمقراطية حديثة حاملة إرثا تاريخيا يتجاوز الألف عام.

Comments are closed.