حكاية من حلتنا.. يكتبها آدم تبن: قالوا الحجيج قطع

431

قالوا الحجيج قطع طالب نور البقع، هكذا ينشد المنشد عندما تهم قوافل الحجيج أن تقطع أراضيها تاركة خلفها المال والولد والأهل قاصدة بلاد الحرمين الشريفين ومهبط الوحى والرسالات فيا لها من رحلة إيمانية لا تضاهيها آلاف بل ملايين الرحلات فهى رحلة قاصدة للاراضى المقدسة يعود الحاج بعدها إلى أهله وهو مغفور الذنب بإذن الله تعالى ويعود كيوم ولدته أمه فهى رحلة تستحق أن يبذل من أجلها المال ويسترخص لأن ينال الحاج تلك البشارات النبوية الصادقة.

ولرحلة الحج علاقات إجتماعية تتشابك لسنوات طويلة ومايذكر الحج إلا ويقول لك أحد الحجاج السابقين فلان داك مثلا حاج محمد دا ود حجتى، وهو يفتخر بتك الرفقة الإيمانية الروحية الخالدة، فالعلاقة هنا علاقة أرواح تسير فى سموء روحى بديع وتعاون وتعاضد لا يستطيع من لم يعيش لحظاته أن يتخيله أو يرسم له صورة مقربة، فالحاج ترك كل ملذات الدنيا وزرخفها الزائل وراءه وأنفق مالا كثيرا ليحظى بفرصة للحج ليكون مع ضيوف الرحمن الذين اذن لهم الله تعالى بأن يكونوا ضيوفه فى الأراضى المقدسة، ويحظوا بعفوه ومغفرة وقبول نفقاتهم وصدقاتهم وهديهم وجميع مناسكهم التى كتبها الله عليهم أركانا للحج وشعائر عظيمة يؤدونها وهم يسألون ربهم القبول.

وتؤدى الأركان من إحرام وطواف وسعى ووقوف بعرفة ورمى للجمرات، بروح طيبة يتعافى فيها الحجاج من سئ الأخلاق وترتفع هاماتهم وتطيب نفوسهم وتلهج ألسنتهم بذكر الله وترتفع أصواتهم بالتلبية لله تعالى لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك لبيك، وتفرط القلوب حبا وشوقا وطمعا فى استجابة التلبية، وتدمع العيون وتزرف دمعا حارا خوفا وخشية من الله تعالى.

ولأهل السودان شوقا وحبا يفوق الوصف إلي الكعبة المشرفة وزيارة المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وعلى صحابته الغر الميامين فهى أشواق وأشواق تزداد كلما نادى منادى الحج فى كل عام، وإن تعذرت عليهم الاستطاعة لكن أفئدتهم تهوى إلى البيت الحرام يسألون الله أن يبلغهم تلك الديار المقدسة حجاجا ومعتمرين، فكم من المرات شهدنا فيها دموع المودعين للحجاج تتساقط على خدودهم ولحاهم مع سماع أصوات بكاؤهم ونحيبهم وهم فى حالة صفاء روحى عميق، فهم متعلقون بحب البيت الحرام والكعبة المشرفة والمدينة المنورة والمسجد النبوي الشريف، وتلوح لهم بوارق الأمل عند كل لحظة وداع لضيوف الرحمن فيحملونهم أشواقهم ودعواتهم وسلامهم للنبى صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وصحابته الكرام رضى الله عنهم وآلاف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وحكاية من حلتنا تعود بها أجمل الذكريات للأراضى المقدسة حيث يصلها الحجاج وهم فى لهفة وشوق لرؤية الكعبة المشرفة والصلاة خلف أئمة الحرم المكى الشريف وسماع أصواتهم الندية يحبرون بها القرآن الكريم تحبيرا فالسديس والمعيقلى شهرتهما تخطت بلاد الحرمين إلى جميع بقاع الأرض وفى مدينة النبى صل الله عليه وسلم فى المسجد النبوى الشريف على عبد الرحمن الحذيفى عليه الرحمة والمغفرة، وغيرهم من الأئمة الاعلام، فتلك لحظات لا تنسى بسهولة فأنت فى بيت الله الحرام والصلاة فيه بمائة ألف صلاة والمسجد النبوى الشريف الصلاة فيه بألف صلاة وأنت تصلى فى المسجد الحرام والمسجد النبوي تتذكر تلك المعاناة والتعب الذى عاناه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وصبرهم على الأذى وأنواع العذاب والحرمان الذى قابلهم به كفار مكة ويهود المدينة وكيف نصر الله جنده بقيادة الرسول وصحابته الكرام وجعل كلمته هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى وها أنت تقف فى نفس المواقع الذى وقفها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وتعيش فى أكبر نعمتين تتغافل عنهما ولاتؤدى شكرهما وهما الأمن من خوف والاطعام من جوع.

Comments are closed.