الزكاة في جنوب كردفان ومشقة الجباية

397

بقلم: يوسف عبد المنان
محمد أحمد موسى الأمين العام لديوان الزكاة بولاية جنوب كردفان، شخصية غير تقليدية في رؤيته لكيفية مخاطبة إنشغالات المجتمع بقضايا العصر وهموم الحاضر وتوظيف القدرات المحدودة في مشروعات تعود بالنفع لإنسان ولاية شديدة التعقيد وتتجاذبها الصراعات الاثنية وأحيانا المناطقية والقبلية، ولكن لم تسجل في دفاترها حتى اليوم وجود صراعات عقائدية رغم ثنائية مسلم ومسيحي في بعض التخوم والأطراف.

في جلسة حوارية مفتوحة مع نخبة من الصحافيين والكتاب بمكتبه المتواضع حد التقشف دار حوار مفتوح بين امين ديوان الزكاة والأخوة الأستاذ صلاح حبيب رئيس تحرير صحيفة المجهر والأستاذ عبود عبدالرحيم مدير تحرير صحيفة أخبار اليوم والأستاذ مصطفى ابوالعزائم الكاتب الشهير والموسوعي بجغرافية وتاريخ السودان والأستاذ عادل سناده وثيق الصلة بدوائر السلطة العليا والأستاذ مراد بله الناشط في فضاء جبال النوبة والصحفي بصحيفة الجريدة اليومية.

لم يبتدر الأمين العام لديوان الزكاة بجنوب كردفان حديثه بالشكوى من المركز ولا بسوء الأوضاع الأمنية رغم فقدان ديوان الزكاة لأحد منسوبيه باستهداف عرقي بغيض ونهب سيارة للديوان وبعض الممتلكات، ولكنه تحدث عن صعوبات يواجهها العاملين في الجباية بإقناع الرعاة بصفة خاصة بدفع فريضة ربانية في مواقيتها لجهل بعض الرعاة بالدين وصعوبة الدعوة وسط مجتمع متنقل بين الكهوف والوديان والصحاري في فصل الخريف، ويقدر موسى وهو يتحدث من غير الاعتماد على أوراق باردة أمامه، قطيع الثروة الحيوانية في جنوب كردفان وحدها بعشرة مليون رأس من الإبل والضان والابقار والماعز وتكفي زكاة النعم وحدها حاجة فقراء الولاية إذا نجح الديوان في إقناع رأس مال الثروة الحيوانية بدفع مال الله في حدود جنوب كردفان الجغرافية، حيث يدفع البعض الزكاة في رحلة الخريف بشمال كردفان رغم أن الرعاة يمكثون تسعة أشهر بجنوب كردفان وثلاثة بشمالها.

ولا يستطيع ديوان الزكاة الوصول لبعض المحليات مثل هيبان والريف الجنوبي البرام وبعض أجزاء محلية دلامي والدلنج لانها تحت قبضة الحركة الشعبية التي لها بطبيعة الحال موقفا ثقافيا وفكريا من الزكاة والإسلام عموما ورغم ذلك تتجاوز أرقام الديوان التريلون من الجنيهات قدمها الديوان للفقراء والمساكين وضحايا النزاعات ممن فقدوا المأوى أو تم ترحيلهم قسرا والنشاط الحكومي الوحيد الذي تمد الأيادي الخير فيه لأهل الولاية من ورائه ديوان الزكاة، لم يخاطب الوالي موسى جبر في فترته القصيرة احتفالا بإنجاز مشروع الا وكان من وراء ذلك الديوان من توزيع سلة الفقير وحاجيات الصائمين والإنفاق على المساجد وتوفير المياه للعطشي في القرى والارياف وقد امتدت أيادي الديوان للحفائر ومضخات المياه والمساهمة في وجبات طلاب المدارس الفقراء وكسوتهم وتوفير وجبات طلاب الخلاوي وتحسين وجبات المعلمين، كل ذلك بجهد عدد قليل من العاملين في الديوان من ذوي الهمم.

تجاوز الديوان محنة الاستهداف للإسلام وواجهات الدعوة في السنوات الأولى للثورة وذلك بفضل اختيارات الولاة دحامد البشير وموسى جبر وكلاهما شخصيات معتدلة ولاتضمر في جوانحها مواقف معادية للمؤسسات الإسلامية مثل ديوان الزكاة بجنوب كردفان بل وجد الديون دعما من الولاة مابعد الثورة خلافا للولايات الأخرى التي قادها ولاة من اليسار السوداني.

سالت الأخ موسى عن مشروعات ديوان الزكاه المستقبلية فقال أمامنا تحدي إقناع الرعاة بدفع الزكاة وفي ذلك صممنا خطابا يبشر الرعاة بصرف كل مايتم جمعه من المال في مصادر المياه ودعم الفقراء، ولم يستفيق من صدمة سؤال مصطفى ابوالعزائم عن مايقدمه الديوان للنازحين من أحداث ابوجبيهة، حتي باغته عبود عبدالرحيم بالسؤال عن الدعوة في سبيل الله في جنوب كردفان، بدأ الأخ موسى حاضرا في إجابته صريحا في مواقفه واثق الخطى يمشي.

Comments are closed.