حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: وأقول للدنيا ديل أهلى

409

الناس فى بلدى لهم طبائع وعادات كثيرة ومتعددة إذا أردنا أن نتحدث عنها ونذكر بها الناس نحتاج أن نفتح لها كتابا بصفحات لانهاية لها فكل عادة وطبع امامه وخلفه المئات من الحكايات المثيرة التى تميزها عن غيرها من الحكايات ، ففى كل إقليم أو ولاية أو مدينة أو قرية أو فريق أو حى سفر من الحكايات الجميلة يعرفها من عايشها وعاش جميل لحظاتها وذاق طعمها وأنبهر بألقها وكان قريبا من أبطالها ، يعرفهم ويعرفونه كأنهم يعيشون فى بيت واحد، رغما عن ذلك فهم أهل أصول يعرفون كيف يتعاملون مع الكبير والصغير والغنى والفقير والمرأة والرجل والغريب والقريب.

وهنا تذهب بنا حكاية من حلتنا الى تلك الديار ذات الرقعة الجغرافية الواسعة التى درسناها فى أيام الطلب الأولى حيث تقول طبيعتها أنها أرض يشقها النيل الرئيسى حاملا معه مليارات من الامتار المكعبة من المياه الصالحة للانسان والزرع والضرع الى أرض الكنانة مصر أم الدنيا كما يحب أهلها أن يتغزلوا فيها ،فهى أرض الشمال بنيلها ونخيلها وسواقيها وبساتينها وارفة الخضرة كثيرة الثمار جميلة المنظر التى تسر الناظرين وصحاريها الممتدة على مد البصر وبواحاتها الخضراء وجبالها ووهادها الوعرة فهنا يسكن أناس لهم من جميل الخصال والطباع مايملأ النفس غبطة وسرورا ويسعدها أيما سعادة فالانسان إبن بيئته تشكله ليستطيع أن يتعايش معها فى أيام شدتها وأيام رخائها .

ويقول محدثى الذى ساقته لى الاقدار أن يجلس بجوارى فى حافلة تقلنا الى وجهة واحدة فكانت ذكرياته موضوعا لحكاية من حلتنا فيقول الرجل أن البيوت فى السابق كانت مفتحة الابواب لاتغلق حتى وإن خرج أهلها للعمل أو الزيارة فهى على حالها لأنهم يتوقعون أن يحضر ضيوف فى لحظة غيابهم ويجدونها مغلقة، فمن العيب أن تغلق الأبواب أمامهم حتى وهم غائبون، فقل لى ماذا تقول لامثال هؤلاء الناس الذين حباهم الله بحسن الخلق وكريم الخصال؟ ، فمهما قلنا عنهم سيعجز القلم أن يجد لهم وصفا دقيقا يستحقونه وينطبق عليهم ، فهؤلاء طينتهم مختلفة عن طينة الآخرين، جبلوا على حب الخير وتربوا عليه وأصبح عادة من عاداتهم الجميلة .

وهنا يقول لى محدثى أن ترك الابواب مفتوحة يعنى أن كل من يدخل هذه الدار من الضيوف يعتبر صاحبها فعليه أن يتجه الى المطبخ المفتوح ويوقد ناره ويصنع طعامه وشرابه بنفسه ،ثم يذهب إلى حيث يريد، تاركا أثره لأصحاب الدار عندما يأتون فيجدون أن هناك من نزل بدارهم ووجد فيها مايكفيه من الطعام والشراب وغادرها بعد أن أخذ راحته، فتملأهم الفرحة والغبطة والسرور بهذا الضيف الذى حل بدارهم وهم غائبون ،فيا بختكم بصنيعكم هذا الذى يحدثنا عنكم فأنتم أهل الكرم والإنفاق والبذل والعطاء تقدمون الخير لأنفسكم لتجدونه خيرا عند الله وأعظم أجرا فصنائع المعروف تقى مصارع السوء وما أحوجنا أن نستلهم هذه الدروس المجانية التى يقدمها لنا من سبقونا فى إكرام الضيف والاعتناء به والاستعداد لنزوله ضيفا بينهم حتى وهو غائب، لكن طبيعتهم التى تطبعوا عليها جعلتهم يتوقعون مايحصل قبل حدوثه فيستعدون له أيما إستعداد فلهم جزيل الشكر والتقدير وديل أهلى البقيف وسط الدارة وأقول للدنيا ديل أهلى.

Comments are closed.