حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: وأقول للدنيا ديل أهلى (2)
من منا لم يتعرض الى مواقف أنسانية مفرحة أدخلت السرور والفرح عليه؟ وجعلته يلهج بالشكر والثناء على من قام بفعلها دون أن ينتظر الجزاء من أحد فقط أخلاقيات تربى ونشأ عليها هى من قادته ليفعل هذا الفعل الجميل الذى يدل على عظم تربته وحسن أخلاق من رباه من الوالدين وغرس فيه مكارم الأخلاق التى حدثنا ديننا الحنيف بالتمسك بها ومعاملة الناس بها مهما بعدت منزلتهم منك أو قربت ،فالدين الاسلامى لافرق عنده بين عربى وعجمى إلا بالتقوى ، وعاداتنا وتقاليدنا فى بلادنا أخذها الأباء من تعاليم الإسلام وتلك من نعم الله علينا أن جعلنا متمسكين بدينه وعاضين عليه بالنواجز.
وهنا تمر علئ واحدة من تلك المواقف المفرحة التى تأتى بدون سابق إنذار ولا ترتيب منك او من فاعلها فالله هو من جعلنا نعيش تلك المواقف الايجابية التى تمسح الكثير من آثار الإرهاق والتعب التى نتعرض إليها خلال يومنا العملى وضغوطات العمل التى من كثرتها تفقدك الكثير من التأمل فى مجريات الحياة اليومية، وفى تلك الأمسية خرجت من مكان عملى ووجهت وجهى الى الشارع العام لأستقل المواصلات العامة ووقتها كانت عاصمتنا آمنة مطمئنة لاتخاف إن خرجت فيها ليلا لوحدك، فلا تسعة طويلة ولاغيرها يهدد أمن المواطن ،فالشارع يتسهم بالهدوء إلا من أصوات عوادم السيارات والركشات التى تجوب الشوارع ليلا بحثا عن زبون يرفع يده مؤشرا لها بالتوقف لكى تقله الى وجهته التى يريدها وهكذا حال أغلب الشوارع التى تمر بها وسائل المواصلات، وعندما تأخر فى وقت متأخر من الليل عليك أن تحمل معك بعض النقود الزائدة لمقابلة الطوارئ فأصحاب المواصلات يستغلون حاجة المواطن فتجدهم يرفعون سعر التذكرة يتعللون بعدم وجود الركاب وأنهم سيعودون مرة أخرى الى المحطة دون أن يجدوا من يعود منهم وهذه تكلفة زائدة عليك أن تدفعها أنت الذى أتيت إليهم متأخرا فستدفع الثمن حتى تصل الى وجهتك المقصودة.
وفى تلك الأمسية توقفت فى محطة المواصلات لأكتشف أننى تأخرت كثيرا وهاهى المحطة تخلو من الراكب والحافلات فقط تحركات لبعض من يعملون بالمحطة فى الخدمات مثل المطاعم والمخابز والبقالات وقليل من مشردئ الشوارع يجوب الشارع جيئة وذهابا بحثا عن لقمة يسدون بها الجوع الذى يلازمهم دائما فهم تأقلموا عليه وحتى عندما يتصدق صاحب مطعم أو فرن أوبقالة بفتات طعام فتجدهم يتقاسمونهم بينهم لقمة لقمة فهم فى الجوع سواء، وفى تلك اللحظات التى تأملت فيها حال المحطة لم يدر بلدى أننى سأغادرها سريعا فهى خالية من الركاب والمواصلات فيتحتم علئ البقاء بها طويلا حسب الخبرات السابقة فى مثل هذه الظروف.
وفجأة يقطع حبل أفكارى أحد الشباب يمتطى موتر سايكل يقف أمامى ووجها لوجه ويقول لئ أركب نوصلك كلمة صغيرة فى نطقها لكنها عظيمة فى فعلها وحينها تذكرت حديث رسولنا محمد صل الله عليه وسلم الذى حث فيه أصحاب فضل الظهر بأن يفعلوا الخير مع من لايملك فضل ظهر ،وعندها لم أجد نفسى إلا وأنا أركب خلفه دون تردد، والاغرب من ذلك أنه بعد السلام والتحية سألني من وجهتى فأفصحت عنها فما كان منه إلا أن قال لئ سأغير خط سيرى لتصل أنت أولا ثم أعود بطريق آخر الى وجهتى فشكرته على ذلك وحاولت أن أثنيه إلا أنه أصر على أن أصل قبله، ويالها من مرؤة وشهامة من أحد شباب بلادى الذين يمتلأون نخوة وكرما وأدبا يستحق أن نوثق له فى حكاية من حلتنا.
“وديل أهلى البقيف وسط الدارة وأقول للدنيا ديل أهلى”.
Comments are closed.