حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: وأقول للدنيا ديل أهلى (6)

249

ويعود طلابنا وتلاميذنا غدا الأحد الثانى من أكتوبر الى مدارسهم حاملين حقائب الظهر طلبا للعلم تحفهم دعوات أسرهم بأن تكلل جهودهمبالنجاح والتفوق والتميز ليكونوا من أبناء الوطن المتميزين أينما حلوا كمثل الغيث أينما وقع نفع، وهم يسرعون فى سيرهم الى مدارسهمتملأهم الرغبة فى إكتساب الجديد من المعارف والعلوم ولقاء أصدقاؤهم الذين غابوا عنهم لشهور طويلة وهى فترة إستجمام لكنها فى ذاتالوقت تشكل فراغا كبيرا لهم منهم من يذهب مع أسرته فى زيارات لمواصلة صلة الارحام ومنهم يبحث عن فرصة عمل تدر عليه دخلا يكفيه مديده أعطوه أو منعوه ومنهم من يقبع فى المنزل ومابين هذا وذاك إنقضت هذه الفترة الطويلة وستفتح المدارس أبوابها رغم التحديات التىستواجه الجميع أسر ومعلمين وطلاب وتلاميذ وحكومات فى مختلف المجالات ،ويالها من تحديات نسأل الله تعالى أن يذللها بحلول ممكنةتساعد فى إستقرار العام الدراسى الجديد.

وعلى ذكر بداية العام الدراسى الجديد تمر بحكاية من حلتنا أجمل الذكريات التى علقت فى الذاكرة ورغم أن التعليم فى السابق كانميسورا وسهلا توفر له الحكومة كل الامكانيات الممكنة وتسهل الطريق للوصول إليه حتى الاطفال الفقراء يجدون حظهم فى التعليم إلا منيأبى ويعرض عن الإلتحاق بالتعليم ،فكانت الداخلية مكتملة بالسكن والاعاشة للتلاميذ والطلاب يأتون إليها وهم فى طمأنينة وراحة نفسيةكبيرة ،وكذلك المعلم المؤهل تأهيلا جيدا والكتاب المدرسى والكراس والقلم والسبورة والطباشير كلها متوفرة فى مخازن المدارس بكميات تكفىحتى نهاية العام ،وغيرها من الخدمات الأخرى مثل البرامج الثقافية والادبية والرياضية والاجتماعية، فكانت المدارس قبلة للتلاميذ والطلابيهرعون إليها فى كل زمان ومكان فهى أمهم الرؤوم التى لاتبخل عليهم بشئ كل مايبحثون عنه يجدوه سهلا وميسورا.

وكما قلت فإن التعليم كان قريبا من الطلاب والتلاميذ وكانت الاسر تفرح بفتح المدارس وتتشوق أن يكون إبنها أحد الطلاب التلاميذ الملتحقينبأحد المدارس القريبة أو البعيدة منهم ، فهنا تعود الذاكرة فى مطلع الثمانينات عندما كان الطلاب والتلاميذ يذهبون الى مدارس بعيدة عنمناطقهم ليلتحقوا بالمدارس الداخلية ،حيث وهم يذهبون إليها أو يعودون منها سيرا على الاقدام وتطول أو تقصر المسافات التى يقطعونهاجيئة وذهابا ، وفى طريقهم يتوقف لهم أحد أصحاب اللوارى التى تسلك تلك الطرق ليحملونهم على ظهورها ليخففوا عنهم رهق الطريقوصعوبة السير بلاقدام ولمن جرب السير بقدميه يعرف معاناة من يسير راجلا لمسافات طويلة تزيد عن الساعتين أو تنقص قليلا، مع الخوفالذى يتملك هؤلاء الطلاب والتلاميذ وهم فى أعمار صغيرة ودائما ما يكون سيرهم فى أوقات المساء، فقد تغرب الشمس أحيانا وهم بعيدونعن مدارسهم أو قراهم.

وهم على هذه الحالة يتوقف أحد أصحاب اللورى السفرية ويأشر إليهم بالصعود على العربة وهنا تتملكهم الدهشة وتعلو وجوهم علاماتالرضا والقبول ويستحسنون هذا العمل الجميل الذى حث عليه نبينا محمد صل الله عليه وسلم قائلا (من كان عنده فضل ظهر فليعد به علىمن لاظهر له) فالخير فى أمة النبى صل الله عليه ،فهذا شخص لايعرفك ولاتعرفه يتوقف دون طلب منك ليقدم لك من فضله ولايتنظر منك جزاءاولاشكورا، وعندما يصل هؤلاء الطلاب والتلاميذ الى وجهتهم يطلبون من (المساعد) إيقاف العربة ، والمساعد بضم الميم وفتح السين وكسرالعين وسكون الدال هى مهنة متعارف عليها عند أصحاب اللوارى وهو من يسعد السابق فى جميع أعمال النظافة والصيانة والمتابعة للعربةوغالبا ما يكون فى اللورى إثنين من المساعديه مساعد كبير ومساعد صغير فالكبير يكون خبيرا بإصلاح الاعطال وقيادة السيارة فى حالاتالطوارى أما الصغير فليس لديه خبره ويسمى مساعد حله يعنى مهتمة إعداد الوجبات ونظافة اللورى، وكلاهما لايمكن الاستغناء عنهم فىتلك الأيام حيث كانت الطرق غير معبدة والاعمال كثيرة وليس هناك وفرة فى خدمات السيارات.

وعندما يتوقف اللورى فى المحطة التى يقصدونها ويبدأون فى النزول تباعا ، تبدو الراحة فى قلوبهم والاجساد النحيلة تمتلئ حيوية ونشاطوالسرور والفرح تظهران على وجوههم الناضرة وهم يلهجون بعبارات الشكر والثناء لمن أوصلهم الى مبتغاهم دون من ولا أذى، ويالها منأفعال عظيمة وجميلة وجليلة تعلم هؤلاء الطلاب والتلاميذ أهمية العطاء والبذل وتقديم الخير للآخرين ليشبوا عليه ويترعرعوا على مكارمالأخلاق التى أمرنا بها ديننا الحنيف، فشكرا لكل من منحنا فرصة لنتعلم الخير والأعمال الصالحة.

وديل أهلى البقيف وسط الدارة وأقول للدنيا ديل أهلى

Comments are closed.