*حكاية من حلتنا يكتبها:آدم تبن وأقول للدنيا ديل أهلى (10)

471

أمى قالت ليك أديها شويه سكر عبارة تتردد كثيرا بين الجارات خاصة من يتجاورن الحيطة بالحيطة وخاصة كذلك الجارات فى الأريافوالمدن الصغيرة بل حتى المدن الكبيرة كانت والى وقت قريب تعرف كيف يتعامل الجيران بعضهم البعض حتى لانظلمهم فقد كان (النفاج) جسرا إجتماعيا وثقافيا يعبر به الجيران دون أن يخرجوا الى الشارع وهو ثقافة وتواصل وتكافل بين الأسر المتجاورة يجتمعون مع بعض عندحاجاتهم لذلك فهم ليس غرباء حتى وإن كانوا من مناطق وقبائل متفرقة لكنهم إجتمعوا على حسن الجوار يرددون مقولتنا السودانية المحببة(الجار قبل الدار) فهو فهم يتطابق مع دعوة الرسول محمد صل الله عليه تسليما كثيرا ووصيته بالجار كما جاء فى الحديث الشريف (مازالجبريل يوصنى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) وما أعظم هذه الوصية إن إستطعنا تطبيقها مع جيراننا سنكون أكثر سعادة وراحة بال ،فمن يرى حال الجيران اليوم يتألم لما وصلوا إليه من السب والشتم والقطيعة والمشاكل اليومية بأسباب لاترقى لعرضها فمثلنا يقول (جاركالقريب ولا ود أمك البعيد) كناية عن أهمية الجار فى حياة من يجاوره حتى وإن كان فقيرا أو وضيعا (فكلنا لآدم وآدم من تراب).

ويظهر حسن تعامل الجار مع جاره فى أوقات الشدة والصعاب التى تأتى دون إستئذان مثل الموت والمرض والسفر فهنا تجد الجار يقفبجانب جاره إلا أن تزول المحنة وتعود الحياة لطبيعتها ، وهنا يجد الجار عند جاره ما لايجده فى بيته ، ومن جميل ذكريات تعامل الجيرانبعضهم البعض تجد أن أبنائهم يتداخلون مع بعضهم يعيشون كأنهم إخوة أو أخوات من أب واحد حتى لايستطيع الزائر أن يفرق بين منإبن صاحب المستضاف فيه ومن هو إبن جاره وهذه مرحلة ليس من السهل الوصول إليها ، وعادة ما يتحمل الجار جاره دون أن يمن عليه بمايقدمه له كثيرا كان قليلا ، ويالها من صفات كريمة منحها الله لأهلنا الكرام تحتاج أن نتوقف عندها ونقيدها بالشكر والحمد لله المنعم الذىأعطنا ما يستحق أن نكرر دعوات الشكر والحمد لله فى كل أوقاتنا.

وفى سابق الأزمان عندما كانت هناك صعوبة فى (التعليم والعلاج والسفر)  والحياة تحتاج مباصرة ومداراة للخروج (بأقل الخسائر) كمايقول أهل الرياضة حتى وإن إنهزمت فلا تترك الخصم يمطر شباك بالأهداف التى لاتستطيع تعويضها، وهنا برز  العديد من (أهل الجودوالكرم) فى مجتمعاتهم و فتحوا بيوتهم لإستقبال القادمين من (الطلاب والمرضى والمسافرين) وحتى (أبناء السبيل) الذين تتقطع بهم السبلوتحول الظروف دون وصلهم الى مناطقهم وأهلهم يجدون متسعا فى تلك البيوت يأون إليها فيجدوا فيها ما يسرهم ويذهب عنهم عناء ووعثاءالسفر والإنقطاع ،فيستعيدون لياقتهم البدنية والنفسية ومن ثم يغادرونها وقلوبهم مطمئنة أن الخير موجود فى بنى جلدتهم ولسان حاله يقول(وا أسفائ وا مأساتنى وا ذلى إن ما جيت من زى ديلا).

وتلك الصفات والعادات التى نشير إليها فى حكاية من حلتنا هى موجودة فى شريعتنا السمحة وزاد إجتماعى وثقافى نتزود منه كلما بدأمعيننا فى النضوب والنقصان وعلامات النسيان فكما يقولون (النسى قديمه تاه) ويعنى أن عليك المحافظة على الجميل منها ولاتدعه يندثرفإندثاره يعنى إندثار حضارة إستمرت آلاف السنين ، وهى صفات وعادات ينظر إليها القادم من خارج بلادنا بتعجب وإندهاش فهى غريبةعليه لم يراه من قبل ولم يسمع بها لضعف وعجز فى شخصيتنا التى تبتعد عن تسويق ثقافتنا وعاداتنا الى العالم الخارجي الذى يسابقالزمن ليصل الى أهدافه وطموحاته لتعينه على حياته التى يريدها.

*وديل أهلى البقيف وسط الدارة وأقول للدنيا ديل أهلى*

Comments are closed.