حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: ياشمس غدٍ أشرقى
ولفصل الشتاء فواصل كثيرة مابين برودة شديدة وأخرى معتدلة وأخرى أقل إعتدالا حتى يظن بعض الناس أن الشتاء قد رحل ولم يعد له أثرا، فتعمهم الفرحة بهذه الأجواء الغير باردة فسرعان ما تتغير الاجواء الى باردة جدا تجعل الناس يحتمون بداخل منازلهم تحت أغطية
لايخرجون إلا للعمل والمدارس صباحا وهم يرتدون ملابس الشتاء الدافئة التى تقيهم زمهرير الشتاء وبرودة أجوائه ، ويترقبون خروج الشمسلتمنحهم بعضا من دفئها الذى كانوا يتقونه صيفا ولا يحتملون درجات حرارته العالية ، ففى الشتاء تصبح أشعة الشمس ملاذا ينتظرهالبعض بفارق الصبر وسبحان مغير الأحوال والنفوس من حال إلى حال ، فالشمس تشرق وهى لاتدرى أن لحظات شروقها لها وقع خاصفى النفوس ولسان حالهم يقول ياشمس غد أشرقى ،فحال الناس لم يكن مثل حالنا اليوم نستمع بالمنزل والسيارة والمكتب ووسائل التدفئةالحرارية الحديثة وملابس الشتاء الدافئة والفخامة التى تتميز بها على غيرها وتدل على حال من يرتديها.
وإنتظار شروق شمس الشتاء للتمتع بدفئها وحرارتها التى تعطى وقودا وحيوية ونشاطا للأجسام المتعبة خاصة تلك التى لاتقاوم الأجواءالباردة أو كما نطلق عليها بلغتنا الدارجة السقط “بفتح السين وتعطيش القاف” ، وهنا يتنظم برلمان شعبى يتقاطر إليه أهل الحئ أو الفريقتعرف جلساته ب(السهرية) بكسر السين والراء ليستمتعوا بجديدها وحرارة أجواء نقاشها التى ترفع من حرارة الأجساد ، كما ترفعها حرارةالشمس ،وبالطبع تأتى صواني شاى الصباح وهى محملة بخيرات الدرت من لبن طازج تغذت ثروته الحيوانية من الأعشاب والنباتاتالطبيعية ، فيخرج لبنها سائغا للشاربين ، وهناك منتجات زراعية تقدم مع شائ الصباح لتمنح الإجسام قوة تساعدها فى مواجهة موجاتالبرد غير مأمونة العواقب خاصة التى تأتى فى الصباح الباكر مصحوبة بالرياح شديدة البرودة ، فتجد الفول السودانى بمسمياته المختلفة(مدمس ، مركب ،نئ) ليأكل مع البلح البركاوى وهناك السمسم بمختلف مسمياته وهو مشهور بإنتاج الزيت الذى يطحن فى العصاراتالبلدية وخاصة زيت الولد الذى له محبيه ويعرفون قيمته الغذائية التى تتفوق على أغلب الزيوت النباتية.
وتستمر هذه الجلسة الصباحية لفترة تطول أو تقصر ورغم برودة أجواء الشتاء إلا أن حرارة النقاش تحتم على أعضاء برلمانه بأن يبحثوا عنأحد المنتجات الزراعية الهامة التى تنتجها مزارعهم فهنا ينطلق صوت أحدهم قائلا يا جماعة عايزين بطيخ ويثنئ أحدهم الإقتراح الذى جاءفى وقته تماما فينادون على أحد الأبناء يكون حاضرا معهم يطلبون منه الذهاب الى بيت عمه فلان ليحضر لهم بطيخ طازج ومكتمل النضجوالإحمرار ، فهنا لامكان للبطيخ ذى أبيض اللون إلا أن يتفوق بطعمه على البطيخ الأحمر ، وتختتم جلسات الصباح بإفطار خفيف يأتى منأقرب المنازل ولايعد إفطارا للجميع ، وعندها يغادر أغلب أعضاء البرلمان الشعبى لمتابعة المشغوليات التى لامجال لتركها وهى متعددة منهافى الزراعة وأخرى فى الرعى وبعضا منها فى البناء والتشييد وسقيا الإنسان والحيوان والمناسبات الإجتماعية المختلفة.
وهكذا يكسر المجتمع بمثل هذا التعاون والتكافل حدة الشتاء وبرودة أجوائه ويصبح فصلا محببا للنفوس يتقاسمون سرائه وضرائه بينهم فلاحواجز بينهم فمن يقدم لهم الطعام أو الشراب يقدمه بطيب نفس لا سمعة يسعى إليها لأن مابين الجميع أكبر من أن يترفع أحد أعضائهعلى الآخرين بما يقدمه لهم من تلقاء نفسه، فجلسة البرلمان ليس لها رئيس أو نائب وهو برلمان غير منتخب فمن يطرح السؤال ينتظر أن تأتيهالإجابة من أى عضو صغيرا كان أم كبيرا غنيا أو فقيرا ، تنتهى جلساته بانتهاء فصل الشتاء وتلك الطريقة ساعدت فى أن يكون البرلمانالشعبى برلمان مختلف عن البرلمانات الرسمية التى لابد أن ينتخب لها رئيس يدير جلساته ونائب ينوب عنه فى حال غيابه ورؤساء لجانمتخصصة وأعضاء لتلك اللجان وجلسات راتبة تنعقد باتفاق جميع الأعضاء نصف أسبوعية أو أسبوعية ودورة بزمن محدد تنتهى فيه لتبدأدورة أخرى ثم إنتخابات بعد سنوات تتراوح بين العامين أو الاربعة أعوام.
Comments are closed.