أهلا رمضان(23) يكتبها : آدم تبن

199

ثلاثة وعشرون يوما من أيام رمضان صام الصائمون نهارها مطمئنين بأن ما ينتظرهم من الخير والبركة يستحق أن يتوقفوا من أجله عن كل مايحبونه ويشتهونه من مأكل أو مشرب ، فهم أمسكوا عنها نهارا لحرمة الشهر الفضيل (ثم أتموا الصيام الى الليل) يترك طعامه وشرابه من أجل الله تعالى وليس هناك رقيب يراقب لا قريب منه ولا بعيد عنه ولا كاميرات مراقبة تراقب من يخلو بنفسه ليطعمها فى نهار رمضان ، ولكن هى راقبة ذاتية نابعة من عمق الإيمان فى القلوب وأن الله يرى البعيد والقريب ويسمع دبيب النملة فى الصخرة السوداء فى الليلة الظلماء ، والى وقت قريب كان رمضان فى بلادنا السودان يأتى فى أجواء صيفية ساخنة لايستطيع ضعيف الإيمان أن يتحملها ، فتجد بعضا من الناس يبحث عن أعذار طبية تبيح له الفطر فى رمضان وعندما يجدها أى (رخصة الإفطار) يسرع مهرولا ومتخفيا من أعين الناس خجلا أن يرونه ذاهب الى أحد مواقع إعداد الطعام لتناول وجبة فى وقت حرم الله فيه الإفطار إلا لأصحاب الأعذار المزمنة ، لو صبر قليلا لتناولها وهو راض عن نفسه وذلك عندما يرفع الأذان صوته عاليا لوقت صلاة المغرب معلنا (الله أكبر الله أكبر ).

 

وخلال مسيرة الشهر الفضيل والناس صائمة بالنهار وقائمة بالليل وتتلوا القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار وتستمع للذكر والدروس وتنفق ماعندها من أموال وطعام وملبس ودواء ليصل الى صاحب الحاجة المتعفف ، وياله من إنفاق! (اليد العليا خير من اليد السفلى وفى كل خير)

وبخت من أنفق فى رمضان و(زكاة الفطر ) خير دليل على أن الصائم يفرح عند إخراجها للمحتاجين حتى الصغار يفرحون بإخراجها ، فقد تشرفت بمعايشة شعور الطرفين من أعطى يفرح بأن نفقته وضعت فى مكانها الصحيح وإستحقها صاحب الحاجة الحقيقة ، والمحتاج كذلك يفرح بأن الصدقة جاءت الى بيته دون أن يطلبها من أحد أو يريق ماء وجهه بوقوفه أمام أحد طالبا المساعدة ، وكانت الى وقت قريب زكاة الفطر تخرج عينا من غالب قوت أهل البلد وأغلبهم أهل زراعة يخرجونها لينفقوها على المحتاجين وأصحاب الأعذار ، وعندما تقارب أيام شهر الى نهاياتها إلا وتجد أن المحتاج قد ملأ الله بيته من شتى أنواع الحبوب الغذائية
وقبلها لم يكن يملك شيئا ، فهاهو يفرح بوقفة المجتمع معه يحزنون لحزنه ويفرحون لفرحته.

 

وحتما سيكون لزكاة الفطر أثرا طيبا على الفقراء فى أيام العيد ، عندما يشعرون بأن الناس يقفون معهم ويمدون لهم يد العون والمساعدة ، ليس لأنهم يحتاجون هذه الأموال والزكوات لذا يفرحون ولكن فرحتهم إجمل وأشمل بأن مجتمعهم متماسك وقوى ويتعاطف معهم فى كل الأحوال والأوقات ، وهى صفات التكافل والتراحم التى حث عليها ديننا الحنيف وأمرنا بأن نحافظ عليها ونعض عليها بالنواجز ، فكم من فقير ينتظر لحظات سماع صوتك أمام باب منزله تضرب ضربا خفيفا لتعلمهم بأن هناك من يستأذن ليسمحوا له بالدخول ، وإن سمحوا لك فأحذر أن تمد عينيك الى ماعندهم ولا تسألهم عن حالهم وهو يغنى عن السؤال ، وأبعد عنهم نظرة التأفف والإستنكار عليك أن تقدم ماعندك ، وإستأذن للمغادرة وكن عليهم ضيفا خفيفا ولا تجعلهم يجتهدون فى توفير ما ليس فى وسعهم ليكرموا زيارتك الى دارهم ، وهى زيارة ليس لها مثيل .
*أهلا يارمضان*

Comments are closed.