من يقف وراء استمرار الحرب وغياب الحلول في السودان ؟

200

رصد:(صحوة نيوز)

تدخل الحرب في السودان شهرها الخامس  في ظل غياب كامل لأي رؤية حقيقية لوقف نزيف الدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الجهات التي تدعم أطراف الصراع ومكنتهم من الصمود طوال تلك الفترة… وهل تلك الجهات خارجية أم داخلية؟.

فمن يقف وراء استمرار الحرب في السودان؟

بداية، يقول عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، إن “هناك أطرافا خارجية كانت لها صلة بمجريات الأوضاع في السودان قبل وبعد الحرب، وربما ساهمت بصورة ما في إطالة عمر الحرب”.

وأضاف  أن الأسلحة التي وصلت لقوات الدعم السريع ساهمت في استمرار الحرب طوال الأشهر الأربعة الماضية واستمرارها للفترة القادمة، حيث كانت أسلحة نوعية غير تقليدية من مضادات للطائرات وسيارات الدفع الرباعي، هذا الأمر كان واضحا منذ الأسابيع الأولى للحرب، لكن في الفترة الأخيرة تصاعد المد الخارجي عندما انحسرت القوة الداخلية لقوات الدعم السريع.

وأشار ميرغني إلى أن القرارات أو الإجراءات الأخيرة من قبل الدعم السريع وخاصة المتعلقة بعمليات الإغاثة، هو مجرد محاولة للدعاية الإعلامية الخارجية لتصحيح الصورة التي تلطخت بالجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الماضية، فهي محاولة لذر الرماد فوق العيون، باعتبار أن هذا المجهود قد يحسب في النقاط الإنسانية لصالح قوات الدعم السريع، لكن الواقع على الأرض على نقيض ذلك تماما، فلا تزال الجرائم التي تصنف ضد الإنسانية مستمرة على نطاق واسع جدا في الخرطوم وفي ولايات دارفور.

وأوضح المحلل السياسي أن التأثير الأساسي يظل دائما في الدعم الخارجي للدعم السريع وهو ما يوفر فرصة إمكانية استمرار الحرب والقتال لفترات أطول مما كان متوقعا.

وحول إمكانية امتداد القتال لمناطق خارج الخرطوم، يقول ميرغني، إن الوضع العسكري حاليا لصالح الجيش السوداني بصورة واضحة جدا، تغير خلال الأشهر الأخيرة، على الأقل الشهرين الأخيرين، علاوة على أن الجيش منذ بداية الحرب كان يدافع داخل مواقعه، لكنه تحرك في هذه الفترة الأخيرة وأصبح هو الذي يهاجم مقرات الدعم السريع بصورة مستمرة، واستطاع إلى حد كبير تحييد أجزاء كبيرة من مدينة أم درمان الاستراتيجية، وأصبحت مساحات كبيرة خالية من التمرد الآن، لكن لا تزال هناك معسكرات ومقرات استراتيجية مهمة يسيطر عليها الدعم السريع، خاصة في القصر الجمهوري والإذاعة وبعض المواقع العسكرية الأخرى.

وأكد ميرغني أن تمدد الحرب في الولايات بعيدا عن الخرطوم أمر وارد، بحكم أن قوات الدعم السريع أصلا هي قوات خفيفة سريعة الحركة ولها قدرة عالية جدا للانتقال من مكان إلى مكان، باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ولديها سيارات الدفع الرباعي، ما يعني أن تلك القوات لديها القدرة على الأقل من من الزاوية الإعلامية تنفيذ ضربات عسكرية لا يقصد منها الاحتلال أو البقاء و السيطرة بقدر ما هو للإعلام، وهذا يمكن حدوثه في أي لحظة.

من جانبه، يقول وليد أبو زيد، المحلل السياسي السوداني، هناك نقطة مهمة جدا تتعلق بالحرب الدائرة في السودان بين الجيش والدعم السريع، تتمثل في أن الحرب الدائرة ليست حرب عبثية كما يصورها البعض، هذه الحرب ليست عبثية على الإطلاق، بل هي حرب منظمة تم الترتيب لها لكي تقود إلى نتائج معينة.

وقال في حديثه إن الأزمة الحالية في البلاد هى نتاج لتدخل أيادي خارجية في الداخل السوداني، ولكي نكون منصفين، فإن التدخل الخارجي لو لم يكن مرحبا به لما كان يسهل عليه اختراق مواقع النفوذ والقوى السياسية في السودان، ولا يخفى على أحد أن السودان تعتبر منطقة أو ساحة تنافس لنفوذ العديد من المحاور الإقليمية والدولية.

وتابع أبو زيد أن التنافس الدولي والإقليمي في السودان يتمثل في المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة دول الترويكا، التي ترى بأن السودان كان خارج دائرة نفوذها لأكثر من 3 عقود مضت، في الوقت ذاته، استفادت من العزلة التي فرضتها دول أخرى كالصين وروسيا في المجال الاقتصادي بشكل كبير، لأن السودان دولة فيها ثروات كبيرة، علاوة على موقعها الجغرافي وإطلالتها على البحر الأحمر بما يقارب 800 كم.

وأشار المحلل السياسي إلى أن منطقة البحر الأحمر بشكل عام هي منطقة صراع نفوذ لعدد من الدول، لأنها منطقة تطل على وجهات مختلفة أيدولوجيا وفكريا وسياسيا، وواضح تماما أن يعني جنوب البحر الأحمر ملتهب بصراع بين محورين أحدهما إيراني والآخر سعودي، هذا بجانب الصراعات الممتدة حتى البحر المتوسط، كل هذه الأسباب تجعل من السودان منطقة مهمة.

وأوضح أبو زيد أنه قبل سقوط البشير في العام 2019، كانت روسيا قد توصلت مع الخرطوم إلى اتفاق لإنشاء قاعدة بحرية (قاعدة فلامنغو) في البحر الأحمر، وبعدما سقط نظام البشير، عملت القوى الخارجية تحديدا المتحدة بالضغط على الحكومة السودانية بشكل كبير حتى لا توفي بالتزاماتها تجاه روسيا في هذه القاعدة، وبالفعل تم تجنيد العمل على هذه القاعدة، هناك أيادي كثيرة جدا تعمل على زعزعة الأمن في السودان وتعمل على عدم التوصل لاتفاق لوقف الحرب، إلا إذا كان اتفاق يرضي نفوذها ويحقق مصالحها، ولا نستطيع أن نلقي باللوم على كل هذه الدول والمحاور، لأن الإشكالية الأساسية هي سهولة اختراق والسيطرة على السياسيين السودانيين، وهذه مسألة لابد من الاعتراف بها بكل شجاعة.

واستطرد، أن الشخصية السودانية السياسية في السنوات الأخيرة كانت متاحة للمحاور تستطيع أن تؤثر عليها من عدة نواحي، وهذا ما إدى إلى الخلل الموجود داخل السودان، وبالتالي دفع إلى أن يكون الصراع هو الأقرب، لأن الجميع كان يعيش تحت ضغط الاتفاق الإطاري بالرغم من أنه اتفاق ممتاز جدا، لكن الأطراف التي كانت تقوم عليه غير مقبولة لدى أطراف أخرى، كذلك كان هناك إعلان القاهرة الذي صُمم بشكل ممتاز للغاية، لكن الأطراف التي قامت به لم تكن مقبولة، إذا الإشكالية ليست في الاتفاقيات ولا النصوص، بل في الأطراف التي تقوم بالتوقيع على أي نص يمكن أن يكون بوابة للحلول السلمية في السودان.

ولفت أبو زيد إلى أن المشكلة لا بد من أن تعالج أولا داخليا بابتعاد القوى التي تخضع للتأثير الخارجي، وظهور قوى جديدة قادرة على أن تفرق ما بين المصالح الوطنية العليا وما بين المصالح الذاتية، حتى يستطيع السودان الخروج إلى بر الأمان، فالحرب على الإطلاق هي ليست حرب عبثية، بل هى حرب منظمة ومخطط لها ومدروسة ولا أرى أنها ستتوقف في القريب إذا ما استمرت الأوضاع بهذا الشكل.
أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان،  الاثنين، أن القوات المسلحة السودانية تحاول الوصول إلى صيغة سياسية عادلة ومقبولة وصولا إلى مرحلة إجراء انتخابات حرة.
وأشار البرهان في كلمة له، بمناسبة العيد الـ69 للقوات المسلحة السودانية، إلى أن “السودان يواجه أكبر مؤامرة في تاريخه الحديث، والتي تستهدف كيان وهوية وتراث ومصير شعبنا، الذي ظل منذ صبيحة 15 أبريل (نيسان) الماضي، يواجه أبشع فصول الإرهاب وجرائم الحرب على أيدي ميليشيا المتمرد الخائن (محمد حمدان دقلو) حميدتي وأعوانه، واتهم البرهان حميدتي وأعوانه بأنهم “قادوا أكبر ظاهرة قامت على التضليل والكذب والخداع وتزييف الحقائق وشراء ذمم الناس في تاريخ هذا البلد، تحت لافتة وراية زيف مؤسسة تسمى بقوات الدعم السريع”، لافتًا إلى أن “حميدتي يريد الهيمنة على

وتتواصل، منذ أكثر من 3 أشهر، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.

وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن، بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.

واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.

وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال

Comments are closed.