بقلم :ادم تبن (حكاية من حلتنا)

46

تتعسر حياتنا أياما وتتيسر أياما أخرى وتلك هى سنة ربانية تجرى على العباد رضوا أم أبوا ، وفى بلادنا السودان تعلمنا أن نعيش حياة العسر والضيق والمكابدة كما تعلمنا أن نعيش حياة اليسر والراحة والنعمة ، فيجرى لساننا بالشكر فى حال اليسر وبالصبر فى حال العسر ، وهذه نعمة من الله أن نذكره فى حالتئ الشدة والرخاء على السواء ، ومن أفرازات حرب الخامس من أبريل الماضى التى إنطلقت شرارتها من وسط عاصمة البلاد (الخرطوم) أنها أخرجت السكان من منازلهم وهجرتهم شرقا وغربا ووسطا وشمالا وجنوبا ، بل الى خارج بلادهم التى ألفوها وألفوا العيش فيها لسنوات طويلة ، لكنهم غادروها مرغمين دون رضاهم وطوعهم ، وبالتأكيد هنالك صعوبات جمة واجهتهم فى حلهم وترحالهم إن كانوا داخل بلادهم أو خارجها ، فمنهم من إستطاع إن يتأقلم عليها سريعا، ومنهم من صعبت عليه الحياة وفقد الأمل فى الحياة السعيدة وعاش أياما حزينة ومألمة فهى أقدار الله فى عباده .

فكثيرا ماتجد مثل هؤلاء الناس فى حالة الحنين الدائم الى مسكنه الذى تركه خلفه ولايعلم ما جرى له وهو بعيدا عنه ، فأغلب سكان الحى غادروا وكأن هناك من حرضهم على المغادرة الجماعية، حيث تتواتر الأنباء من هناك على عمليات السرقة والنهب للمساكن ومابداخلها من سيارات وأثاثات وأجهزة وملابس وكل ما خف حمله وغلاء ثمنه مثل الذهب والأموال والأسلحة والهواتف الذكية ، وهنا تحضرني حكاية ذلك السارق الذى سرق شاشة وهو يحملها بين يديه ويشق بها الطريق ليصل بها الى مكان مخبأه الذى يريد أن يضعها بداخله ليطمأن عليها وهى بعيدة عن أعين الناس ، وهو فى الطريق قابله شخص يعرفه فسأله عن الشاشة التى يحملها ، فكان رده أن أمنيته أن يمتلك (شاشة) ، فبدلا أن يعمل ويجتهد ليمتلك الشاشة وجد فى الحرب ضالته بسبب خلو المساكن والمخازن والمؤسسات والشركات من الناس ، فعاث مثل هؤلاء فسادا فى الأرض لم نشهد مثله فى بلادنا طيلة سنوات حياتنا الماضية ، فماذا دها بعض الناس لمثل هذا السلوك المشين الذى حرمه الإسلام ووضع له حدا سماه بحد السرقة وذلك ب(قطع يد السارق).

وفى حركة تنقل الناس بين عاصمة البلاد والمدن والقرى والعواصم الخارجية ، يحتاج الناس الى أموال يحملونها معهم ليقابلوا بها تكاليف السفر وشراء الأطعمة والمشروبات وغيرها مما يحتاجون إليه فى حركتهم خاصة إن كانت معهم أسر وبينهم أطفال وكبار السن ، وهنا واجهت الكثير منهم مصاعب جمة خاصة فى الطرق البعيدة بإزدياد ملحوظ لعصابات السرقة والنهب والأجرام ، فهم لايتورعون من تهديد المسافرين وتوجيه السلاح النارى الى صدورهم وإطلاق النار عليهم إن تمادى أحدهم فى الرفض وعدم تسليم أمواله التى يحملها معه لصرفها على إحتياجاته ، وحتى النساء لم يسلمن من هذه العصابات التى تجردت من الرجالة والمرؤة وأصبح همها نهب المال وسرقة الهواتف الذكية للمسافر المغلوب على أمرة ، ولا يهمهم كيف يصل إلى مبتغاه فهنا تكمن المعاناة الحقيقية فلاهاتف تستطيع أن تتواصل به مع من يستطيع مساعدتك أو أموال تسهل لك طريق الوصول الى وجهتك التى تريدها وتنقطع بك السبل وتصبح فى رحمة الله ومن ثم عباده ، فيسخر الله لك من يقضى حاجتك دون أن يحتاج لكلمة شكر منك وعندها تسمع أجمل عباره (خليها على الله) وكأنك تسمعها لأول مرة ، فشكرا لكل من قضى للمحتاجين حاجتهم *(فإن الله لايضيع أجر من أحسن عملا)*.

Comments are closed.