الحب في زمن الحرب.. إقبال هائل على الزواج في السودان

347

رصد:(صحوة نيوز)

مدينة بورتسودان، التي أصبحت العاصمة المؤقتة، شهدت ما لا يقل عن 3 آلاف زيجة في المتوسط منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل من العام الماضي.

لم يستغرق الأمر سوى 48 ساعة من لقائي الأول بوالدها لطلب يدها حتى إتمام المراسم الشرعية لعقد القران، معلنين بذلك زواجنا”.

بهذه الكلمات يروي الصحافي علي فارساب  قصة زواجه في بورتسودان بشرق السودان. وأوضح أن والدته تفاجأت عندما أخبرها بنيته الزواج بعد يومين، من دون أن ترى العروس أو تتعرف على أهلها. ومع ذلك، سارت الأمور بسلاسة دون عوائق.

فارساب قال  “كما شهدته من معاناة بعد أكثر من عام من الحرب دفعني لإلغاء فكرة حفل الزفاف التقليدي. لم يكن هناك حناء للعروس ولا زفة للعريس. اتفقنا على الزواج دون مظاهر احتفالية”.

وأضاف: “رغم أجواء الحرب، احتفل الأقرباء والأصدقاء بنا، وقدموا لنا التهاني. حرصنا على أن تملأ قلوبنا الفرحة، لأن بلادنا لا تكسرها الصعاب مهما كانت الظروف”.

كشفت مصادر موثوقة بالسلطة القضائية في السودان عن ارتفاع غير مسبوق في معدلات الزواج في جميع أنحاء البلاد منذ اندلاع الحرب، وذلك بناءً على إحصائيات المحاكم الشرعية المسؤولة عن إصدار قسائم الزواج وتسليمها للمأذونين الشرعيين. وأفادت هذه المصادر أن مدينة بورتسودان، التي أصبحت العاصمة المؤقتة، شهدت ما لا يقل عن 3 آلاف زيجة في المتوسط منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل من العام الماضي.

وفي استطلاع مع عدد من المأذونين الشرعيين في ولايات مختلفة، أكد الجميع وجود زيادة كبيرة في معدلات الزواج. وأشار أحد المأذونين الشرعيين إلى أنه شخصياً عقد 400 زيجة في مدينة بورتسودان خلال شهر واحد فقط.

وعزى المأذونون هذه الزيادة إلى عدة أسباب، أبرزها خفض تكاليف الزواج. بالإضافة إلى ذلك، رأى الشباب، الذين كانوا يعانون من الشروط التعجيزية للأهل في الزواج بالسودان، في الحرب فرصة للهروب من تلك الشروط وإتمام مراسم الزواج بتكاليف أقل

خلال فترات الحرب تدفع عدة أسباب الشباب للزواج. تقول الدكتورة أسماء جمعة، اختصاصية علم الاجتماع بالسودان لـ”العربية.نت”، إن هذه الأسباب تتفاوت بناءً على الظروف الفردية والثقافية والاجتماعية، موضحة أن الحرب تخلق واقعًا جديدًا يغير من أحلام الشباب وأفكارهم، خاصة مع حماسهم وجرأتهم واستقلاليتهم.

ومن أبرز أسباب الزواج في زمن الحرب أن الزواج يوفر دعمًا متبادلًا وحماية من المخاطر الناتجة عن الصراعات. كما يمثل الزواج فرصة للتعاون والمساعدة المتبادلة في مواجهة الصعوبات اليومية.

أيضًا، يمنح الزواج الشباب التفاؤل والعزيمة لبناء حياة جديدة وتحقيق أحلامهم رغم التحديات. على ذات النسق، هناك بعض الشباب يسعون لتأسيس أسرة جديدة، وقد يجدون في ظروف الحرب فرصة لتحقيق هذا الهدف، خاصة مع تعثر الظروف الاقتصادية للأسر. مع ذلك، تواجه هذه الزيجات تحديات خطيرة. فالحاجات والمشاعر المؤقتة بسبب ظروف الحرب قد تؤدي إلى انهيار العلاقات بمجرد تغير الظروف أو انتهاء الحرب. وتشير الدكتورة أسماء إلى أن بعض الشباب قد يتخذون من الزواج وسيلة لتلبية رغباتهم بشكل مؤقت، مما يعرض العلاقات الزوجية للخطر على المدى البعيد.

الشافعي شيخ إدريس، موسيقي ومنظم حفلات سودانية في مصر، يقول: “في الواقع، لم تزد النسبة بشكل كبير وسط السودانيين المقيمين بمصر، لكن يمكننا القول إن الحرب لم تعق الناس عن مواصلة حياتهم، بما في ذلك إقامة حفلات الزواج.” وفي مصر مثال، هناك العديد من الأسر السودانية اتجهت نحو البساطة والتوفير، مما أتاح لهم إتمام مراسم الزواج بتكاليف منخفضة.

ويضيف الشافعي يجب الإشادة بدور السفارة السودانية في القاهرة في تسهيل الإجراءات، حيث خصصت مكانًا لإتمام الزيجات في بيت السودان بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة. والإجراءات تُجرى الآن في بيت السودان، حيث يتولى مأذون من القسم القنصلي متابعة التفاصيل، مما يبسط الإجراءات التي كانت معقدة في السفارة المزدحمة”. داعياً الأسر السودانية بالداخل والخارج، لتيسير أمور الزواج لأبنائهم لإكمال نصف دينهم.

Comments are closed.