حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: يا مجافينا

56

من غرائب الصدف أن تكون متواصل مع أحد الأشخاص وفجأة تنقطع هذه الإتصالات لأسباب مختلفة قد تكون معلومة أو غير معلومة لأحد الطرفين أو كليهما ، وهذا التواصل ربما يكون تواصل يومى بمختلف ضروب الإتصال الشخصى أو الهاتفى أو الكتابى أو مواقع التواصل الإجتماعى ، وقد يكون التواصل متقطعا ليس ذا أثر باين فى شكل العلاقة والتعامل بين الشخصين، لذا تتعدد درجات القرب والبعد بينهما فى الانسجام أو الأفكار أو حتى الهوايات المختلفة، والتقارب يختلف من التباعد فكلما تقارب الأشخاص كلما كان الانسجام مؤثرا تأثيرا إيجابيا، وكلما تباعد الأشخاص تشوب العلاقات والمعاملات بعد الشوائب التى تجعل العلاقة متباعدة بعض الشى، ويكون أثرها قليلا ولاتكاد ترى لها وجودا فى علاقة الأشخاص إلا فى حدود ضيقة لاتتعدى المجاملات الإجتماعية، وهنا يتميز الناس بعضهم بعضا، فتجد أحد الأشخاص يتمتع بعلاقات ومعاملات تتميز بتعددها مع مختلف فئات المجتمع فتجد كل فئة يختصها بميزة من ميزاته التى ميزه الله تعالى بها، وعلى النقيض تنكمش علاقات ومعاملات البعض فتجدها فى ركن قصى يتضائل تأثيرها علي أفراد مجتمعه تقل أو تنعدم كليا.

وعنوان حكاية من حلتنا إقتبسته من مكالمة هاتفية دارت مع أحد زملاء العمل غيبتنا حرب الخامس عشر أبريل من العام الماضى حيث تفرق جمعنا الكريم الذى كان يلتقي يوميا فى مكان العمل وتستمر فترة اللقاء لأكثر من ثمان ساعات وأصبحنا كأننا أسرة واحدة، فشاى الصباح بالزلابية والقهوة والفطور وشاى الفطور لها جلسات محببة للنفوس، يتداول أغلب الناس فيها ما إستجد من معلومات حول العمل والعلاقات بين الزملاء، فتجد من يسأل عن المرتب نازل متين؟ وآخر ياناس شئون الخدمة الترقيات لسه ما نفذتوها؟ وآخر ياجماعة التقرير الشهرى لسه ماوصلنا حركوا شويه عشان عايز نرفع التقرير للمدير العام، وهكذا ينتهى يوم العمل وهاهى إرادة الله تعالى باعدت بينا لأكثر من عام لم نلتق خلالها إلا هاتفيا أو على السوشل ميديا، وآخرين لم نسمع لهم صوتا أو نقرأ لهم رسالة تطمأن على وجودهم ، وعندما جاء الرد الهاتفى قلت له ممازحا (يامجافينا) وهى رسالة قصدت أن أقول له لقد غبت كثيرا فما سبب غيابك.

وعلماء الإجتماع يقولون أن الإنسان بطبعه كائن إجتماعى لايمكن أن يعيش منعزلا عن أفراد مجتمعه، يخالطهم ويشاركهم فى أفراحهم وأحزانهم، وإن غاب عن المشاركة قدم سببا وجيها يعتذر به عن عدم المشاركة، أو أرسل مساهمة مالية تنبأ عن وجوده ومشاركته لمجتمعه مهما قست عليه الظروف، فلهم مثل يتداولونه يقول لك (الجود بالموجود) فليس المطلوب منك أن تعطى كل ماتملكه بل تساهم بقدر إستطاعتك فلا تكليف فوق طاقتك ، وبهذه الإيجابية وتقدير ظروف الآخرين لايزال كشف المساهمة المالية موجودا فى صيوان الأفراح والأحزان، رغما عن آثار الحرب على إقتصاد بلادنا حيث توقفت أغلب المؤسسات والشركات والأعمال عن العمل وخسر العمال وظائفهم التى كانت تدر عليهم دخلا يساعدهم على إجتياز صعوبات الحياة المعروفة، وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا لنتعرف على أحوال الزملاء والجيران والأصدقاء والمعارف ونبعد من الجفاء والمقاطعة التى تأخرنا أكثر من أن تقدمنا وما تخلوا أخوانكم يسمعوكم كلمة (يامجافينا).

Comments are closed.