(حكاية من حلتنا) يكتبها آدم تبن: وللجد تبن ذكرى

259

نعيش حياتنا ونحن موقنون بأن الموت لامفر منه وإن بلغ الإنسان من العمر عتيا ، فهى إرادة الله سبحانه وتعالى فى عباده أن كتب الموت يقول الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (إنك ميت وإنهم ميتون) ويقول تعالى 🙁قل إن الموت الذى تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) ومن نعم الله على المسلم أن كرمه وجعله يعيش وسط مجتمع مترابط يشد بعضه بعضا ويتخذ سنة الزواج وسيلة لتحقيق أسرة مسلمة تنمو وفقا للشريعة السمحاء، ويكون الأبوين آباءا لأبنائهم ثم جدودا لأبناء أبنائهم وتمضى مسيرة حياتهم منظمة يكون للجدود فيها نصيبا وافرا من الذكر الحسن، وأهلنا له مقولة جميلة يرددونها عند موت أحد الكبار، فيقولون لك “أن الخلف ما مات” بمعنى أن من تزوج وترك خلفه أبناء سيكون له ذكرا يذكره الناس بهم فيقولون لك دا ود المرحوم فلان ، وهكذا يحفظ الأبناء النسب من آبائهم وتكون شجرة العائلة متجذرة تتشابك جذورها مابين الأبناء وأبنائهم “رجالا ونساءا”.

واليوم تجدد حكاية من حلتنا ذكرى “الجد تبن محمد على” والذى أزيل توقيعى به فى هذه الحكاية دائما ، وجدى تبن عندما تفتحت أعيننا على الحياة لم نجده على قيد الحياة فقد توفاه الله تعالى فلكل إجل كتاب، وعندها يحتاج الإنسان ليقترب قريبا من والد أبيه ليعرف عنه تفاصيل أكثر عن حياته وهى رغبة جامحة عند الأبناء ، ورغبة من أخى الكبير الحاج محمد على تبن بأن نكتب عن جدنا الذى ننتسب إليه ليعرف أبنائنا وأبنائهم من هو جدهم الذى تزيل به أسماء آبائهم، وعند سؤالى للوالد الكريم سرد لى معلومات قيمة عن والده تبن ، أحاول أشرك معى القراء الكرام  عسى أن يجدوا فيها مايفيدهم فى حياتهم ، فسيرة الأشخاص بالتأكيد فيها من التجارب والخبرات العتيقة التى تفيد الناس ، وحبى للإطلاع عن السير الذاتية للأشخاص دفعنى لأن أبحث عن سيرته الذاتية وذلك تخليدا لذكراه العطرة التى لم تفارقنا فى كل لحظه ولما لا فكلما يذكر إسم الوالد يذكر إسم الجد تبن وكلما يذكر إسم بعضا من أحفاده إلا ويذكر إسمه معه أو يذكر أسمه لوحده فنعرف أن من ينادى يقصد شخصنا ويالها من ذكرى حية وباقية ومتجددة فى نفوسنا فى كل وقت وحين إلا رحم الله الجد تبن وأسكنه فسيح الجنان .

والجد “تبن” تقول سيرته الذاتية أنه أخ لثلاثة أخوان رجل وأمرأتين وهم جوده وعائشه وأم جمعة ينتسبون الى والدهم محمد على ووالدتهم خادم الله من قبيلة الجوامعة وهى من القبائل العربية التى دخلت السودان من قديم الزمان ووجدت فى شرق كردفان مستقرا آمنا لها إستقرت فيها لخصوبة الأراضى الرملية التى مكنتهم من إمتهان نشاطي الزراعة والرعى وقليل من الأعمال التجارية ذات الصلة بالمعايش، وتفرعت القبيلة لأحد عشر خشم بيت حيث ينتمى الى خشم بيت الغنيمية المايدية ، وكان إستقرار الجد بالقرب من قرية ركوب الغنيمية وقام بغرس شتلة شجرة نيم أتى بها من مدينة الرهد مع والد الوالده جدنا الحاج محمد جوده لاتزال معلما بارزا بالمنطقة تسمى “بنيمة تبن” وتشتهر مناطق كردفان بزراعة النيم حتى أن مدينة أم روابة بنيمها الظليل سميت بعروس النيم ، وحقق الجد تبن فى ذلك حديث النبى صلى الله عليه وسلم (إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها).

ورغبة فى الإلتزام بالسنة النبوية المطهرة تزوج جدنا تبن الحبوبة مستورة بدين التى أنجبت له ستة أبناء ثلاثة أولاد وثلاث بنات وهم محمد على وآدم وأحمد والزينه ومدينة والشباك وعمل بمهنة التجارة وإمتلك بالقرية “كنتين” وتقرأ بكسر الكاف والتاء وفتح النون وهو بلغة اليوم الدكان أو البقالة يبيع فيها السلع الغذائية المختلفة وله تعامل تجارى مع الحاج السعيد بقرية أم سريحة وهو والد عمنا صديق السعيد وأخوانه وكان له بعير يستخدمه فى نقل البضائع المختلفة فقد كانت الدواب “الجمال والحمير” هى الوسيلة الوحيدة لحركة النقل والسفر بين المناطق المختلفة قريبة كانت أم بعيدة ، وتشاء إرادة الله تعالى أن ينتقل الجد تبن الى الرفيق الأعلى بعد سنوات كفاح متواصل وترك أبنائه وهم صغار يحتاجون الى الرعاية حيث كفلهم أخيه جوده بعد وفاة والدتهم كذلك وقام بواجب التربية والزواج لهم جميعا لينال بذلك فضل كفالة الأيتام، وهكذا تستمد حكاية من حلتنا ألق هذه السيرة الجميلة لنعطر بها صفحاتها التى تنشد مايفيد قارئها الكريم .

Comments are closed.