السودان يضع قدميه على طريق الخلاص

28

بقلم : زين العابدين صالح عبد الرحمن

بدأ السودان يضع قدميه على طريق الخلاص، عبر ثلاث مسارات، مساران وطنيان و مسار أخر مضاد و يشكل عقبة في طريق الخلاص.. أن حل أي أزمة مهما كان تعقيدها تبدأ عندما تستطيع القوى القائدة لإدارة الصراع أن تضع الفكرة السياسية و العسكرية أمام الشعب، و كل مكوناته الفاعلة لكي يكون طريقا للجدل فيه، و الجدل هو أهم العناصر التي تنقل المجتمع من أدوات العنف إلي أدوات الحوار.. و الحوار نفسه؛ يعد أهم وسيلة هادفة إلي إبعاد أدوات العنف، و أيضا خلق الأرضية المطلوبة لأيجاد الثقة بين الفرقاء..

أن العقبة الكبيرة التي تعيق عملية إيجاد الحلول للقضية السودانية، هي الأجندة الخارجية و التي تتمحور في ثلاث دول صاحبة التخطيط في إندلاع الأزمة السودانية و وصولها للحرب. و بدأت الأزمة السودانية تأخذ منعطفها الخطير عندما بدأت ما يسمى بالرباعية  و التي تتكون من ” أمريكا و بريطانيا و السعودية و الأمارات” و هي التي كانت تقدم الأفكار لبعض القوى السياسية السودانية، و كانت تعتقد تلك الدول إن القوى السياسية التي كانت ترعاها سوف تنفذ لها أجندتها إذا استطاعت أن توصلها للحكم.. و على هامش اجتماعات الجمعية العامة أجتمعت هذه الدول لكي تحدد للسودان مسارا يسير عليه و بموجبه تنتهي الحرب، و بعد اجتماعها أصدرت بيانا قالت في مقدمته (أعربت أمريكا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبى عن القلق العميق إزاء الوضع المتدهور فىالسودان ، داعين إلى ضرورة وقف الحرب وإرساء دعائم السلام ودعم الشعب السودانى وتطلعاتهنحو مستقبل سلمى مزدهر و ديمقراطي) أن وجود هذه الدول يمثل خطرا على وحدة السودان و مستقبله.. أن مستقبل السودان و وحدته و ديمقراطيته يحدده شعب السودان من خلال الحوار المفتوح بين كل مكوناته، و الوصول إلي توافق وطني و انتخابات عامة يختار فيها الشعب ممثليه.. أن الأجندة الخارجية هي التي تسبب في الحرب و هي التي عقدت الأزمة السياسية..

و في فقرة أخرى يقول البيان (دعا المشاركون جميع الجهات الفاعلة الأجنبية الامتناع عن تقديم الدعم العسكري للأطراف المتحاربة، وذلك – بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والالتزامات التي تم التعهد بها في باريس وتركيز جهودهم نحو تهيئة الظروف لحل تفاوضي للصراع) كيف تقنع هذه الدول السودانيين أن الاجتماع ضم الأمارات الداعم الرئيس للميليشيا بالسلاح و التشوين، و الإعلام و كل إحتياجات الميليشيا و اتباعها.. السؤال لماذا أعاقت بريطانيا شكوى السودان ضد الأمارات في مجلس الأمن؟ لماذا أصرت فرنسا أن يكون للأمارات وجود لها في ورشة باريس؟ لماذا أصرت أمريكا أن تكون ألأمارات مشاركة في مفاوضات جنيف؟ هذه الدول لا اعتقد صالحة أن تكون وسيطا في حرب السودان هي داعمة بطريق غير مباشر للميليشيا، إنما كانت هي المخطط للذي قاد للحرب.. و أنها على أصرار كامل أنها تريد أن تخرج الأمارات من إي مساءلات مستقبلا عن التخريب الذي أحدثته في السودان .. لذلك قالها رئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان في كلمته بالقول ( لن يكون مقبولا لحكومة و شعب السودان مشاركة أي دولة أو منظمة دعمت الحرب أو شاركت في قتل السودانيين و تشريدهم سواء بلإمداد بالسلاح أو تسهيل عبوره  أو قدمت الدعم السياسي أو أي من أنواع الدعم في ما يلي العدوان على الدولة السودانية و شعبها) أن حديث البرهان بالفعل يعبر عن قناعة كبيرة وسط الشعب، لا يمكن أن تساهم دول شاركت في العدوان في حل مشكلة الحرب في السودان..

في الجانب العسكري أكد البرهان لابد من التخلص من الميليشيا إذا كان عبر التفاوض من خلال تنفيذ ” اتفاق جدة” و الموقع في 11 مايو 2023م و تجميع عناصر الميليشيا في معسكرات، و تجريدها من السلاح، و أيضا وضع حلا أخر عندما قال البرهان في الجمعية العامة ( أكد أننا ما ضون في هزيمة و دحر هؤلاء المعتدون مهما وجدوا من دعم و مساندة) أن المسألة العسكرية وضعت في خيارين التفاوض يعني موافق تجريد الميليشيا من سلاحها تماما أو مواصلة القتال حتى هزيمتها.. و الخيار عند الذين كانوا وراء المخطط..

القضية الأخرى هي المسار السياسي، و هو مرتبط بحل القضية العسكرية، لتهيئة البيئة الصالحة للعمل السياسي، يقول البرهانعن القضية السياسية (الإنتهاء من قضية الميليشيا يعقبه عملية سياسية شاملة تعيد مسار الإنتقال السياسي الديمقراطي و وضع الحلول المستدامة بملكية وطنية تمنع تكرار الحروب و الانقلابات العسكرية) يشير هنا البرهان إلي ” المؤتمر الدستوري” لأنه اجتماع جامع لكل القوى السياسية و من خلاله توضع الحلول و تمنع الحروب و الانقلابات.. و أي حوار منقوص لا يمكن أن يؤدي إلي حلول نهائية.. لكن السؤال هل القوى السياسية مهيأ لمثل هذه الحوارات و لديها مشاريع سياسية واضحة و مفصلة؟.. أم أنها تريد الشعبيعتمد على الهتافات و الشعارات.. التي درجت عليها.ز

أكد البرهان موقف القوات المسلحة من العملية السياسية بالقول ( أن القوات المسلحة السودانية و هي من أقدم مؤسسات الدولة، و تعمل بمهنية تامة دون الإرتهان لأي كيان سياسي، ملتزمة تماما بعملية التحول الديمقراطي و حق الشعب السوداني في اختيار من يحكمه و هي حريصة على الوفاء بإلتزامها الأول الذي ضربته بعد ثورة ديسمبر المجيدة) أن القوى السياسية إذا كانت بالفعل هي حريصة على التحول الديمقراطي يجب عليها أن تلتزم بالقواعد و العوامل التي تسهل طريق نجاحها، و الحرب أكدت تماما ليس هناك قوى لها فضل على الأخرين، و لها الحق أن تضع شروطا على مشاركة الأخرين إدعاء بطرح مصطلحات واهية لا تستطيع أن تصمد أمام المتغيرات في البلاد .. نسأل الله حسن البصيرة

Comments are closed.