عميد شرطة م. محمد أبوالقاسم يكتب: أهلاً بالسودان الجديد

196

بقلم: العميد شرطة (م)محمد ابوالقاسم عبدالقادر
مرحبا بالسودان الجديد، السودان الذي تحكمه المؤسسات الوطنية الدستورية الملتزمة بالقانون، حيث لا تشاكس ولا تخبط ولا إساءات لرموز وطنية وقيادات قومية حملت أرواحها على أكفها وتقدمت بكل شجاعة منحازة لشعبها وثورته المجيدة، وأنهت نظام حكم شمولي دام لأكثر من ثلاثين عاما، لم تكن في مجملها أسواء من هذه الفترة الإنتقالية التي تم إنهاءها، والتي شهدت فوضى عامة شوهت معاني الحرية والسلام والعدالة، وسعت لتحقيق أجندة حزبية خاصة بعيداً عن مصلحة الوطن، وبعيداً عن حفظ أمنه وإستقراره وتحقيق رفاهية مواطنيه.

التحية للفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، والذي تأخر كثيرا في إتخاذ هذا القرار التصحيحي لمسار الثورة والإنحياز الحقيقي لغالبية الشرفاء والمسحوقين من أبناء الشعب السوداني التي ضاق بها الحال وهي تكابد في الحصول على الإحتياجات الأساسية والضرورية وتستمع ساخرة الى خطابات حكومة خاطفي الثورة وهي تطالبهم بالصبر حتى العبور والأنتصار ، ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي ، حيث كاد الوطن أن يضيع وتتقطع أوصاله بسبب السياسات الخاطئة التي إنتهجتها حكومة خاطفي الثورة وهي سياسات بعيدة عن شعاراتها المرفوعة التي تتمثل في الحرية والسلام والعدالة.

بعضهم يتجه الآن متحدثا بإسم الشعب السوداني واصفا ما أقدمت عليه القوات المسلحة بهدف تصحيح مسار الثورة بالإنقلاب، والملاحظ بأن هؤلاء يدعون بأنهم يمثلون الشرعية التي تنصبهم متحدثين بإسم الشعب السوداني، وهذا بالطبع مجرد إدعاء لا يقوم على منطق ولا يسنده قانون ، فالشعب السوداني لم يفوض أحدا للتحدث بإسمه ، والحكومة التي تم حلها هي حكومة معينة وغير منتخبة ، وهي لم تعبر عن تطلعات وطموح الشعب السوداني ولم تحقق أهداف ثورته المجيدة ، ولقد جاء بيان القوات المسلحة ليتحدث بكل وضوح عن التفويض الحقيقي وهو تفويض سيمنحه الشعب السوداني لمن يختاره بموجب إنتخابات حرة ونزيهة تم الإعلان عن أنها ستكون في العام ٢٠٢٣م.

على الدول التي تدعي بأنها حادبة على مصلحة السودان وحريصة على شعبه ، أن تعلم بأن ما يجري في السودان شأن داخلي، وهو في حقيقته عمل تصحيحي تقوده القوات المسلحة السودانية منحازة لقطاع عريض من القوى الشعبية الوطنية التي تحلم بسودان جديد يقوم على الحرية والسلام والعدالة، وعلى هذه الدول أن تعرب عن قلقها بعيدا عن محاولات التدخل والمطالبات والتصريحات التي يطلقها بعض السفراء والمبعوثين، وهي بلا شك تخالف الأعراف التي تقوم عليها العلاقات الدولية بإحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية ، وعلى حكومة الكفاءات الوطنية التي سيتم الإعلان عنها أن تعمل على الحفاظ على سيادة السودان والتصدي بكل قوة لأي شكل من أشكال التدخل الدولي في الشأن الداخلي السوداني، وإستعادة كرامة وعزة المواطن السوداني التي أضاعتها حكومة مختطفي الثورة التي سمحت لسفراء بعض الدول في التدخل صراحة في شأننا الداخلي، ووصل بها الحال أن دعت لحضور بعثة أممية للسودان لحمايتها تحت ستار تقديم الدعم والمساندة.

السودان الآن في حوجة حقيقية لحكومة كفاءات وطنية لا هم لها سوى رفعة الوطن وتحقيق رفاهية شعبه، ويجب على هذه الحكومة التي سيعلن عنها في الأيام القادمة الإلتزام ببرنامج وطني واضح المعالم بأهداف محددة وتوقيتات زمانية يتم الإتفاق عليها والإلتزام بها، حتى يشعر المواطن بالفائدة المرجوة من تصحيح المسار، ويجب التأكيد على أن يكون أعضاء الحكومة الجديدة من أصحاب الكفاءات من الوطنيين المشهود لهم بالنجاح والتفوق في تخصصاتهم، بعيدا عن أي محاصصات حزبية وجهوية حتى لا يكونوا تحت أي تأثير سياسي أو قبلي، ولا يكون لهم هدف سوى تحقيق كل ما يتمناه المواطن السوداني، ولا ولاء لهم إلا لوطنهم السودان، فيعملوا لخدمة وطنهم بكل إخلاص وتجرد.

على القوى الوطنية السودانية بمكوناتها المختلفة أن تعمل بكل قوة على دعم هذا المسار التصحيحي الذي قامت به القوات المسلحة، والذي يمثل مخرجا حقيقيا يخرج الوطن من ما يعانيه من أزمات أمنية وسياسية وإقتصادية كادت أن تؤثر في وحدته وفي نسيجه الإجتماعي، وعلى الأحزاب السياسية الوطنية أن تتفرغ للتبشير ببرامجها الإنتخابية التي سيقول فيها الشعب السوداني كلمته عبر صناديق الإقتراع وحينها فقط سنعلم من هو الذي يمثل الشعب السوداني ويحق له التحدث بإسمه.

على جماهير الشعب السوداني الوفية أن ترفض كل تحريض على العصيان المدني وتتجه لبناء الوطن والعمل على نهضته، وعليها الإستعداد لتحول ديمقراطي حقيقي بحرية وسلام وعدالة، وعليها أن تقول وداعا للفوضى وقفل الطرقات وتعطيل الحياة الطبيعية ، وعليها أن تقول مرحبا بالحرية التي تسمح لكل مواطن بأن يعبر عن رأيه في إحترام لحرية الآخرين ولا يعمل على مضايقتهم ، ومرحبا بالعدالة غير الإنتقائية التي تنفذها مؤسسات عدلية مستقلة والتي يتساوى أمامها الجميع، ومرحبا بسلام عادل يؤدي لإستقرار شامل في وطن يسع الجميع.

التحية لقواتنا المسلحة ولقوات الشرطة، والتحية لجهاز المخابرات الوطني وقوات الدعم السريع، وهي مؤسسات وطنية قومية تؤكد دوما على قوميتها ومهنيتها وإستقلاليتها وإنحيازها لمواطنيها وحرصها على إعلاء شأن الوطن والحفاظ على أمنه وسلامته ووحدته.

Comments are closed.