آدم تبن يكتب «حكاية من حلتنا»: ذاكرة أيام شتوية

87

فى كثير من الأوقات يبحث الناس عن الترفيه والاستجمام والراحة ليرتاحوا قليلاً من تعب وإرهاق العمل المستمر والجرى خلف المعايش التى لافكاك منها فكل منا يبحث عن إكمال حاجياته المعيشية بسبل شتى تختلف المهن والوظائف والأعمال، وتبقى الهموم والمشاغل لتوفير حاجيات الأسرة هى مربط الفرس وقوة الدفع الذاتى التى تحرك طاقات المجتمع نحو العمل وقيمه ونشاطاته المختلفة.

فهذا يذهب إلى السوق ليبدأ مشوار جديد فى ترقية وتطوير مجال عمله وزيادة أرباحه وإرضاء زبائنه، وذاك يعود قافلا من وردية ليلة قضاها فى مكان عمله يطمع من خلالها لزيادة دخله ليتمكن من الايفاء بالتزاماته الأسرية الملحة، وهنا وهناك آلاف أو ملايين من الناس فى كد وتعب مستمر لايتوقف إلا لأسباب ملحة، فدورة الحياة لاتتوقف ليلا ونهارا.

وفى إستراحتنا هذه نجد أن هنالك مواقف عديدة تلفت الأنظار إليها وتحتاج إلى ان نتوقف عندها لنأخذ منها العبر والعظات التى تعيننا فى حياتنا، ومن تلك المواقف العالقة فى الذاكرة أننا فى أحد أيام فصل الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة وتصل إلى مستويات متدنية يتحتم عليك أن تنهض من فراشك فى هذه الليلة شديدة البرودة لتصل الى موقف البصات السفرية لتلحق بمواعيد سفرك فى رحلة تواصل إجتماعية أو رحلة سياحية ترفيهية حددتها سابقاً يتعين عليك قضاؤها للتعرف على بعض أماكن السياحة فى بلدك، أو التواصل مع الأهل والمعارف ويتعين عليك أن تصل إلى الموقف فى وقت كاف لضمان شحن عفشك الذى تحمله معك وتحديد مكان جلوسك فى داخل البص.

ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن ويحصل ما لم تكن تتوقعه ولم تضعه فى حسابتك وليس لديك خطة بديلة، فهاهى العربة التى كنت تنوى الذهاب بها إلى موقف البصات السفرية، يرفض محركها أن يدور بفعل برودة الطقس وإنخفاض درجة الحرارة إلى نسبة مئوية متدنية، هذه العوامل أدت الى أن تستسلم البطارية رافضة أن تدير الماكينة، فيا للهول كيف لى أن أعالج هذه المشكلة الطارئة التى ظهرت للتو وفى مثل هذا التوقيت وهذه الأجواء الباردة فمن من الأصدقاء يمكن الاستعانة به للمساعدة فى الخروج من هذا الموقف الحرج فإما أن تستسلم وتلغى سفرك وكأن شيئاً لم يكن أو تأتى بخطة خارج الصندوق تنقذك من هذا الوضع الصعب.

وإنت فى مثل هذه اللحظات العصيبة مابين الاستسلام والتفكير خارج الصندوق حيث الدقائق تمر سراعا كأنها ثوانى معدودة ومع إقتراب موعد حضورك للسفر وليس هنالك بارقة أمل لحل المشكلة وبدأ اليأس يدب فيك، فإذا بصوت مجموعة من الناس يرتفع تارة وينخفض تارة أخرى ويقترب رويدا رويدا منك فهنا تبرق بارقة أمل أمامك بأن الفرج من الله قريب.

وبدون مقدمات تسمع صوت أحد أفراد هذه المجموعة متسائلا يا أخونا عايز مساعدة؟ فتنطق مجيبا بسرعة البرق نعم “عايز دفرة” وسرعان ما تقف المجموعة خلف العربة وبصوت واحد مع الدفرة “ها أنقر” و تعنى كلمة أنقر بأن تحرك مفتاح سوتشى العربة وترفع بدال الكلتشى للمساعدة وهنا يدور المحرك بفعل هذه الدفرة الجماعية وتنطلق العربة مسرعة مع كلمة شكر تحملها لغة الإشارة باليد لهذه المجموعة التى جاءت فى مثل هذا التوقيت الشتوى البارد وأنقذتك من موقف لم تضع له حساب ولا خطة بديلة.

فعلينا أن نتعلم من حياتنا أن تكون خططنا مبنية على البدائل فى حال أخفقنا فى تنفيذ الخطة الرئيسة تكون خطتنا البديلة جاهزة للتنفيذ.

Comments are closed.