حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: كرتونة رمضان

328

وذكريات شهر رمضان المبارك لاتكاد تنقضى، فهى متجددة ومحفوظة لأن رمضان ضيف كريم يأتى لأهل بلادى ويحمل فى معيته الخيرات والبركات ليس للأغنياء وحدهم حتى الفقراء والمتعففين (الذين لايسألون الناس إلحافا) يكرمهم الله بأن ينالوا نصيبهم من الأموال والصدقات المنفقة من الخيرين والمواد الغذائية، حتى أشتهرت عبارة (رمضان كريم)كتهنئة بين الصائمين، وتشكل تلك المواد الغذائية أساسيات مائدة الإفطار الرمضانى، فالاسواق ووسائل النقل الداخلية وبين المدن والقرى والارياف لاتنقطع حركتها ونشاطها جيئة وذهابا وأصوات أبواقها لاتتوقف.

فالأيام التى تسبق شهر رمضان تتسم بالحركة التجارية النشطة وتقابلها حركة دؤؤبة فى وسائل النقل الداخلي والخارجى التى تمتلئ بها الطرقات الرئيسة والفرعية، إما محملة بالبضائع، أو فى طريقها إلى التحميل والشحن من المخازن والمصانع لتغادرها للأسواق التى تتنظر قدومها بفارق الصبر، حيث تتكرر أمام ناظريك حركة الاتصالات بين التاجر صاحب البضاعة والسائق الذى يقود الشاحنة التى تحمل عليها البضائع، ومرة تلو الأخرى يضع التاجر هاتفه مهاتفا سائق الشاحنة ويسأله سؤلا محوريا لا يزيد عليه ولاينقص، فهو يريد أن تصل البضاعة فى أسرع وقت ممكن ليستطيع أن يدخلها السوق حتى لايفوته موسم رمضان.

ومعروف أن هناك بعضا من السلع الغذائية التى يتنافس التجار على توفيرها للمستهلكين خلال شهر رمضان، منها (السكر، الزيت، البصل والدقيق، الذرة، التوابل والبهارات، البلح، البليلة، والمشروبات المحلية) فكل أسرة لابد أن توفر لها قدرا كافيا ومعقولا من هذه السلع الضرورية، بينما ينشط تجار آخرون فى توفير الاوانى والمعدات المنزلية مثل الفرشات وأوانى الأكل والشرب والخلاطات الكهربائية والثلاجات والمكيفات، بينما ينشط آخرون فى توفير (اللحوم الحمراء، البيضاء، الخبز والفاكهة، الخضروات) ، وتستمر هذه الحركة والنشاط التجارى حتى الأيام الأولى من شهر رمضان.

والهواتف الذكية رنينها لاينقطع بين المدن والارياف والعواصم الخارجية عند إقتراب شهر رمضان، أغلب محادثاتها تطالب بإرسال (كرتونة رمضان)، وهى كرتونة تشمل أطيب الأطعمة والمشروبات المحلية التى يشتاق إليها أهل السودان إن كانوا بداخله أو خارجه، فالمأكولات والعصائر التى تشكل مائدة رمضان لها شعبتها وروادها الذين لا ترتاح نفوسهم إلا عندما يجدونها تتسيد مائدة الإفطار، وتعج بالأصناف المختلفة مابين مشروب ومأكول شهى وبطعم لا يضاهى، فذاك صائم يشتهى أن يتناول فى إفطاره الرمضانى ب(العصيدة بالتقلية) وآخر يشتهى (القراصة بالدمعة)، حتى وإن لم يجدها بحث عنها حتى يحصل عليها، وآخر يشتهى أن ينوع بين الأطعمة المختلفة خلال شهر رمضان ليتعرف على جميع مكونات المائدة السودانية، (شرقا وغربا شمالا وجنوبا).

وهذا أحد الصائمين إن لم يجد من المشروبات البلدية فى مائدة الإفطار مثل (التبلدى، العرديب، الكركدى، العيش)، أو الفواكهة مثل (المنقة، الجوافة، البرتقال، الليمون) يقول لك (فطورى ناقص) بمعنى أن فطوره لايكتمل إلا إذا توفرت فيه أحد المشروبات البلدية أو الفواكهة المحلية المعروفة، التى تتعدد مواسمها وتختلف فى أنواعها وطعمها بين منطقة وأخرى وكل (مشروب، فاكهة) من هذه المشروبات لاتقل قيمته الغذائية عن الآخر وله شعبية محلية وعالمية يتذوقون طعمه الرائع، وهذه من النعم الكثيرة التى أنعم بها الله على بلادنا فى كل المواسم.

Comments are closed.