مصطفى ابوالعزائم يكتب: المزاد السري..!

320

أن تتخذ الصين الشعبية موقفاً تتضامن فيه مع روسيا بـ(المكشوف) الآن في حربها ضد أوكرانيا، مثلما تضامنت من قبل “بكين” مع “موسكو” حول القضية السورية قبل عدة سنوات، وإستخدمت الدولتان حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع يحيل بموجبه مجلس الأمن القضية السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، لم يكن موقفاً غير مدروس، وإذا أردنا التعمق أكثر في الدوافع والأسباب علينا أن نعود إلى ما قبل (الفيتو) بأيام قليلة، حيث تم التوقيع على إتفاقية تصدير غاز بين روسيا والصين تتجاوز قيمتها الأربعمائة مليار دولار .

وتلك مقدمة ضرورية لأن الدول الكبرى والدول القوية، ومنها روسيا تبحث عن مصالحها مثلما تفعل الصين، ومثلما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التي تفشل أمام الرأي العام العالمي بسبب صورتها السيئة التي لم تنجح في تحسينها، بسبب إزدواجية المعايير التي تتعامل بها في كثير من القضايا، وبسبب موقفها المنحاز دائماً إلى إسرائيل على حساب شعوب المنطقة، بل وعلى حساب الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في المنطقة.

أضحت «واشنطن» في نظر الكثير من المراقبين أقرب لمحترف ألعاب الخفّة الذي يلعب على الحبلين، ويلعب في بعض الأحيان بـ(البيضة والحجر)، ففي حين تتهمها حكومات بعض الدول – ومنها الشقيقة – بدعم المعارضة المسلحة فيها، تتهم ذات المعارضات الأنظمة الحاكمة في تلك الدول بأنها أداة طيعة في يد الإدارة الأمريكية، الخاضعة بدورها لتأثير المعلومات والموجهات الصادرة من قبل جهاز المخابرات المركزية الأمريكية المعروف اصطلاحاً بـ(السي آي إيه).

هذا في سوق السياسة والمخابرات والمصالح يمكن أن يكون، أي أن تدعم كلا الطرفين المتخاصمين والمتحاربين، خدمة لأهداف تحقق لك المزيد من التمدد والوجود والإرتكاز على الأرض، مثلما حدث في كل حروب الخليج السابقة، بدءاً من الحرب العراقية الإيرانية، وإنتهاء بحرب تحرير الكويت التي إنتهت بـ(إحتلال) العراق!.

نحن في السودان لم ننجُ ولن من الكيد العالمي، وقد تعرضت بلادنا إلى مواجهات علنية وسرية، وإلى حصار سياسي وإقتصادي وإلى محاولات تركيع عديدة، نجح خصوم السودان الواحد المتّحد وأعداؤه، في أن يفصلوا جزءاً عزيزاً من الوطن عن بقية أجزائه، ولن تقف المحاولات، بل سوف تستمر حتى يتفتت السودان وينقسم إلى أكثر من دولة وهو ما نسميه بـ(الهدف المقدس) للغرب الذي تتقدم صفوفه الولايات المتحدة الأمريكية، ويسير في ركبها آخرون، حتى يأخذ كلٌّ نصيبه من كعكة الموارد التي يذخر بها السودان.

ما يحدث في دول الجوار محاولة لإرباك المشهد السياسي والأمني في كل المنطقة، لكن اللطمات أخذت تلحق بمخططي الفوضى، إذ أدرك المصريون ما يريده الغرب وما تريده إسرائيل، وكذلك أدرك التوانسة أهداف المخطط الذي بدأت أدواته ووسائل تنفيذه تنتقل إلى الشقيقة ليبيا، وسوريا الآن تعاني حتى تسقط الدولة وكل مصادر قوتها ووجودها.. أما أفريقيا المسلمة فلن تكون بعيدة عن نيران الفتنة، فيكفي ما يحدث في مالي، وما يحدث في أفريقيا الوسطى، ومحاولات (بوكو حرام) لزعزعة الأمن في نيجيريا، ولا نعرف أين تكون الطامة القادمة بعد أن إحترق الصومال وإنفصل جنوب السودان وتهشّمت أفريقيا الوسطى.

عالم الأقوياء (يبيع ويشتري) فينا، يتفق وينقض إتفاقاته وأكثرنا يأمل في الضربة الأقل إيلاماً.
إبتعدنا عن الله، وإبتعدنا عن أنفسنا، تقسمنا وتجزأنا وتفرقنا، وبعد ذلك ننتظر أن تنصرنا السماء، والله لا ينصر القوم الظالمين، لا بد أن تقوم دولة العدل فينا، حتى ينصرنا الله.
Email : sagraljidyan@gmail.com

Comments are closed.