حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: إن شاء الله يوم شكرك مايجى

748

تتعدد الصفات الجميلة والرائعة فى مجتمعات بلادنا السودان إن كانت مجتمعات حضرية أو ريفية فلكل منهما طباع وصفات تميزه فى مختلف مناحي الحياة فمنهم من يتصف بالكرم والإنفاق والصدقات، وهناك من يتصف بالشجاعة والمرؤة والفروسية، وآخرون يتصفون بالطيبة ومكارم الأخلاق وبسط الوجه وتقبل الآخر ومابين هذه وتلك تتقارب الصلات بين الناس فى الفريق أو الحى الواحد أو القرية أو المدينة الواحدة وتتكون علاقات إجتماعية واسعة يتم فيها التزاوج بين القادمين من جميع المناطق يجمعهم السودان كبلد تصاهروا فيه جمعيا أفارقة وعرب فتجد هذا التصاهر إذا فتحت حوارا مع أحد الأشخاص قابلته على مضض فى السوق أو المواصلات أو فى مناسبة إجتماعية فيحدثك عن أصله وقبيلته فتجده سودانيا خليطا بين قبيلة وأخرى وهكذا مجتمعنا إلا النذر اليسير منه.

أعود وأقول أن من حسنات مجتمعنا التى نفتخر بها ونشير إليها أن هناك أناس منا خصهم الله بالبذل والانفاق وقضاء حوائج الناس دون النظر الى القبيلة أو المنطقة أو التعليم أو اللون أو الجنس ،فتجده يقدم الخير وينتظر الثواب والجزاء الحسن من الله سبحانه وتعالى، لاهم له سوى أن تكون يده مبسوطة بالخير والنفع للمجتمع يقدم بطيب نفس وقلب مملوء بالحب للناس، ومحدثى يقف أمامى وأستمد منه حكاية من حلتنا فيقول لى كنت أسكن فى منزل بالايجار وتشاء الاقدار أن يتم بيعه لشاب شهم لا أعرفه ولايعرفنى ،قال جائني فقال لى خليك قاعد فى البيت وماعليك حق الإيجار لحدى ما أجى أبنى البيت ، وهنا تفيض عينيه بالدمع الحزين ولايتمالك نفسه فى مداراتها ، يقول لى لقد مات هذا الشاب وجاء أهله يطلبون منزل إبنهم وأمامى شهرين لأرحل لبيت آخر ، فيقول لى علئ أن أبحث منذ الآن على بيت ليكون بديلا لأسرتى وأستطيع أن أوفى بحق الإيجار الشهرى، وهنا ترحمنا عليه وكأننا بيننا وبينه معرفة قديمة ،لكن هكذا (من يفعل الخير لايعلم جوازيه لايذهب العرف بين الله والناس) وهذا نموذج واحد من مئات النماذج الإنسانية التى تحكى لنا أو نعرفها ونعيش مع أصحابها فالذين يقدمون الخير لايتحدثون به للناس بل ينتظرون الجزاء الأوفى من الله سبحانه وتعالى.

ويالهم من أناس حببهم الله الى عمل الخير وحبب الخير فيهم ، فهم أصحاب مبادرات تتولد فى لحظة الحاجة إلى فعل الخير لايتأخرون ولا يتعللون بقلة مالديهم ، تجدهم أمام الناس يقدمون ما يستطيعون تقديمه من عون مادى أو معنوى ويذهبون الى حال سبيلهم دون أن ينتظروا من يقول لهم شكرا وبارك الله فيكم ، فكم من مثل هؤلاء يعيشون بيننا نعرف بعضهم ونجهل بعضهم ، فهم يقدمون لنا دروسا مجانية فى أعمال الخير والمبادرات الإنسانية والخيرية والطوعية التى تحتاجها مجتمعاتنا التى نعيش بينها ونعلم حاجتها للعون والمساعدة .

وذاكرة حياتنا مليئة بأعمال الخير والتطوع قدمها أناس من بنى جلدتنا تعلموا حب الخير من مجتمعاتهم التى عاشوا فيها وقدمتهم كأشخاص مبادرين لعمل الخير لاتجد عملا فيه الخير للمجتمع أو لأحد أفراده إلا وتجد سهمهم بارزا وسابقا غيره من المنافسين، ويسعدنا أن يكون فى مجتمعنا مثل هؤلاء الأشخاص المخلصين لبلدهم ومجتمعهم وأهلهم ودائما أهلنا تجدهم يقولون للشخص الذى يفيد المجتمع (إن شاء الله يوم شكرك مايجى) وإذا توفاه الله تجدهم يقولون (تبكى المنافع) بمعنى أن الإنسان تبكيه منافعه الجميلة التى قدمها للناس من حوله وتظل ذكراه عطرة بين الناس.

Comments are closed.