حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: وأقول للدنيا ديل أهلى (9)

252

يازول إنت سودانى وأصيل دى عبارة كثيرا ما يسمعها من يخرج من بلاده مهاجرا فى أرض الله الواسعة بحثا عن الرزق أو العلم أو العلاج أو الراحة والاستجمام فيالها من عادات وطبائع جبل عليها شعبنا الأصيل وهذا من فضل الله وكرمه علينا لنرى ويسمع شكرنا وحمدنا لما أنعم وتفضل بهذه الطبائع والصفات التى ميزتنا من بقية الشعوب وصحيح إن هنالك شعوب لها صفات وطبائع تتفوق فيها علينا وهى هبات ربانية يهبها لمن يشاء من عبادة، وصفة الكرم والجود الانفاق نراها عادة وصفه أصيلة ومتجزة فى مجتمعنا السودانى ومنها يستمد قوته وصموده أمام عاديات زمانه فمن تصيبه جائحة صغرت أو كبرت أيا كان وضعه فى المجتمع فعادة ما يهب الناس لمساعدته ويشدون من أزه ويقفون معه وقفة رجل واحد يقدمون له مايحتاجه كل على حسب طاقته وقدرته فمنهم من يقدم المال ومن يقدم الطعام والشراب ومنهم يخدم بنفسه وبفكره ومنهم من يدعو الله له بأن يخفف عنه مصابه وكل منهم يجد له سهما يشترك به وهذه محمدة تحسب للناس جمعيا وديننا الحنيف يحثنا ويأمرنا بأن نكون عونا وسندا للضعيف والمريض والمحتاج فتأبى الرماح إذا إجتمعنا تكسرا والكثرة تغلب الشجاعة كما يقول مثلنا السودانى.

وهنا يمر شريط طويل من الذكريات يبين أن المصائب عندما تقع على واحد من أفراد المجتمع يجد الناس بجانبه يقفون معه يخففون عنه همها وغمها وكربتها ، فهم قد تربوا واكتسبوا تلك الصفات والعادات الجميلة والاخلاق الفاضلة من أبائهم وأمهاتهم فالمجتمع يربى على الجيد والحميد من الأخلاق والافعال والسلوك الحسن أو عكسها تماما ، فمن تربى وسط أجواء الاسرة الممتدة يكتسب مثل هذه الصفات الجميلة والرائعة ، فكم من الناس تربى فى مثل هذه الاجواء السلمية والمعافاة من أمراض النفوس والقلوب؟ بالطبع ستكون الاجابة أنهم كثر وصعب أن يحصوا ويعدوا بالأرقام الحسابية، وهذه كذلك نعمة كبيرة أنك لامحالة ستجد من هو أفضل منك ويتفوق عليك فى صفة من الصفات وتكون أنت محظوظا لتتعلم منه وتكتسب منه صفات أو صفة جديدة أو جزاءا منها وإن كان قليلا ، فليس هناك إنسان كامل يحمل جميل الصفات وأنبلها فالكمال لله تعالى وهو الذى فضلنا على كثير من مخلوقاته جمعيا.

ويقول محدثئ أنهم فى وفاة أحد أفراد أسرتهم إجتمع أهل حيهم الذى يسكنون فيه وقاموا بالواجب وزيادة قالى والله أخجلونا من جميل ماصنعوه لنا وقدموا لنا كل فعل يدل على نبل طباعهم وأصالة معادنهم ورقئ أخلاقهم وحسن معشرهم وطيب صفاتهم ، وقال لى لم يكن أمامنا إلا أن نبادلهم هذا الجميل بأن نشكرهم على ماقاموا به عمل وجهد يستحق أن يسجل فى صالحهم وعند الله الجزاء الأوفى ، وعندما أكمل حديثه قلت فى سرى حفظ الله شعبنا ومجتمعنا من أمراض العصر الحديث والعولمة والتكلنوجيا التى ظلت وستظل تبث سمومها القاتلة للأخلاق الفاضلة والصفات الجميلة المكتسبة عند الشعوب خاصة المسلمة ، والكل أمام تحدى العولمة التى فرضت على الناس أن يتبعوا ما تدعو له حتى وإن كان مخالفا لعقيدتها الاسلامية ، صحيح أن هناك مقاومة كبيرة لمحاربة ظواهر العولمة السالبة والنظر من جهته أخرى الى جانبها الايجابى إلا أن رياح العولمة أعتى وأقوى من مصدات رياحها.

ونظل ننظر بفرح طفولى الى ما أحاطنا الله تعالى به من رعايته وكرم بأن ميزنا بصفات وعادات إن لم تكن كلها رفعية ومتميزة إلا أنها كثيرا ما تستهوى المجتمعات الأخرى وتدهشها وتثير رغباتها لتقترب من مجتمعنا لتعيش وسطه تفرح لفرحه وتحزن لحزنه ، فهذه مدرسة قائمة بذاتها يتخرج طالبها معلما لكل الشعوب ،وكم من مرات إحتفت فيها بعض المجتمعات بتميز أحد أبناء وطننا الغالى بارزا فى أحد العلوم أو أحد الصفات أو السلوكيات الاجتماعية التى تفتقدها بعض المجتمعات ، وهو فرح يبعث الرضا فى النفوس ويرفع هامتها عالية تفاخر بمثل هذه الصفات والعادات التى علينا أن نحافظ عليها ونعلمها للأجيال الجديدة لتقتفى أثر من سبقوهم من الأجداد والأباء.
“وديل أهلى البقيف وسط الدارة وأقول للدنيا ديل أهلى”

Comments are closed.