حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: ورحل شيخ العرب صاحب المبادرات الخلاقة

347

ورحل شيخ العرب، والرحيل مر والموت يأتى بغتة لا يستأذنك وماتدرى نفس باى أرض تموت، فقد أمضيت معه فترة فى العمل العام بولايةالخرطوم فكان نعم الأخ والقائد الذى يتقدم أقرانه وزملاؤه ينصحك ولايفضحك، يوجهك ولايوبخك، يقدم إليك الحلول بعلم ومعرفة لايعرفالراحة والكسل، يلتزم جانب المشورة وأخذ الرأى وتقليبه للمصلحة العامة، لم تشغله الوظيفة العامة عن خلق علاقات إجتماعية واسعة لاتحدها حدود الخرطوم العاصمة رغما عن أنه تدرج فيها الى أن وصل الى رئيس تشريعى الخرطوم ونائب لوالى الخرطوم ووزيرا، فكان أنأطلق عليه البعض لقب شيخ العرب إنه المهندس صديق محمد على الشيخ الذى نعاه الناعى ملبيا نداء ربه بدولة تركيا، مخلفا وراءه فراغاعريضا على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والمهنية وليس من السهل أن يسد هذا الفراغ بين ليلة وضحاها، فقد سهر وكابد الراحلشيخ العرب ليتبوأ هذه المكانة الرفيعة بعد توفيق الله عز وجل له ولم تزده هذه المكانة إلا تواضعا وحبا للناس فقد كان رقما لا يمكن أن تجاوزهفى العمل العام بولاية الخرطوم.

تجده ينأى عن شخصنة القضايا ويجتهد فى تقريب وجهات النظر بين الناس وله مقدرة واسعة وخيال واسع تشع منه الأفكار الخلاقةوالمبادرات التى تخرج عن المألوف أو مايسمى حديثا بالتفكير خارج الصندوق، ويضع الهم العام فى سلم أولوياته دقيق فى إحترام الوقتساعة يده لاتغيب عن يده الشمال تجده يرمقها بنظرة خاطفة بين الفينة والأخرى تبدى لك أن وقته ثمين وغال ويذكرك بأن الوقت جوهرة غالية، وأذكر فى أول إجتماع عمل لى معه تأخرت عن المواعيد المحددة ولم يكن لى علم بالمواعيد إلا أنه بعد نهاية الاجتماع إستفسرنى عن سببتأخيرى، وهذا أن دل إنما يدل على حسن إدارته للوقت وتقديره له، فقد كان الراحل شيخ العرب صديق الشيخ لايهدأ له بال فى التواصلالاجتماعى مع المجتمع حاضرا فى المناسبات الاجتماعية أفراحا وأحزانا يتواصل مع هذا وذاك لايتأخر إلا فى حدود ضيقه، فهو متشبعبصفات المجتمع الذى يعيش فيه، وكان متحدثا لبقا يتحدث الانجليزية كأنه يتحدث لغته العربية يمتلئ بطاقة إيجابية نادرا ما تجده متعكرالمزاج، حباه الله بأناقة المظهر إن إرتدى الزى القومي أو الأفرنجي فكلاهما يعبران عن حسن إختياره وذوقه الرفيع، وهو أى الراحل تجدهأقرب الى أبناؤه تجدهم دائما يشكلون معه حضورا ملفتا للنظر فى المناسبات المختلفة خاصة التى تكون فى الأمسيات.

ألا رحم الله الراحل شيخ العرب صديق الشيخ فقد كان صاحب أفكار خلاقة ومبدعه يطرحها فى كل وقت ويبذلها للناس لتفيدهم فى حياتهمالعامة والخاصة، فقد ظل يوصى بالاستفادة من الاقساط فى المباني والمشاريع ويحث الناس على عدم التخوف منها مذكرا إياهم بأنالاقساط بعد أربع أو خمس سنوات ستكون مبلغا ضئيلا لا يساوي شيئا ، وعندها ستكتشف أنك قد أضعت فرصة ثمينة وعندها لاينفع الندم، وينطبق عليك قول الشاعر عاجز الرأى مضياع لفرصته فإذا فات أمره عاتب القدرا ، اللهم أرحم عبدك صديق الشيخ وأغفر له وأرحمهوأجعله فى الفردوس الأعلى والعزاء لجميع أهله ولانزكيه على الله وماشهدنا إلا بما علمنا والموت حق وهم السابقون ونحن اللاحقون إنا للهوإنا إليه راجعون .

Comments are closed.