كامل عبدالله يكتب: أنا الكلب والكلب أنا!

86

بقلم: كامل عبدالله كامل

منذ أول قدومي حديثاً لكندا، هذه البلاد الهادئة الجميلة، إلتقيت ولمحاسن الصدف بجار لي سوداني، فحمدت الله على الجيرة الطيبة ولم يقصر الرجل حقيقة معي إذ إختصر علىّ كثيراً من الأشياء.

لكنه أخبرني بوضعي في هذه البلاد، وفق ترتيب أهلها والمتعارف عليه، أخبرني الجار الصديق ودون أن يطرف له جفن أو ترتعد منه فرائص، أن الأولوية دوماً في هذه البلاد للأطفال.

أطلقت حينها ضحكة رضا عريضة حتى بان على أثرها آخر ضرس عقل ركيك أحتفظ به في فكي الأسفل.

ثم أضاف: والنساء، فأحسست أن دواراً خفيفاً ألمّ بي لكني آثرت التماسك، لم يمهلني الرجل فرمي قنبلته في وجهي بلا مراعاة لمشاعري: ويأتي الكلاب ثم من بعدهم فصيلة الرجال التي ننتمي إليها نحن، وأطلق الرجل ضحكة تأكدت من أنها “هوهوة” ونباح بلا جدال.

“صليت على النبي من الفاجعة” فأدخلت أصبعي السبابة في أذني ثم فركته جيداً لعل صمماً طارئاً أصابها، لكني تأكدت مما سمعت، فصديقي الجديد مقيم منذ أمد بعيد في هذه البلاد مما مكنه من إجادة الهوهوة بإمتياز ويبدوا أنه إعتاد الأمر، زحف حينها الحزن نحو دواخلي وصرت كقط أجرب ومهزوم في معركة خاسرة ومحشور دوماً في زاوية “الضعف”.

كان لا بد أن احفظ الدرس وأعيه وأقنع بالمركز الرابع، وربما سأتأهل تلقائياً للمركز الثالث بحكم اننا لم ولن ولا نقتني كلباً فصرت كلما دخلنا مكاناً يتقدمنا أبنائي الصغار ثم تقدل أمهم من خلفهم وأخيراً العبد لله، وكنت أحياناً أجعلهم يدخلون بترتيبهم واظل انا بالخارج في إنتظارهم وما أن يأتوا حتى يجدوني وانا باسط ذراعيّ بالوصيد، متى ما ساروا أنهض من رقدتي وانظر خلفي واهز ذيلي متفقداً ومتأكداً من أنني أنا الكلب وأنا أنا..

Comments are closed.