حكاية من حلتنا يكتبها آدم تبن: يلا نبنى بلدنا
لم يغب منظر المنتظرين أمام الآبار فى بلادنا حتى فى أحسن الأيام، وكثيرا ما نرصد حكاية المطالب بتوفير مياه الشرب.
وأذكر فى ثمانينيات القرن الماضى عندما كان العطش مسيطرا فى أغلب أقاليم البلاد أن هم المجتمع الأول سقيا الماء.
بحفر بئر أو دونكى أو حفير ولما لأن المياه هى التى تساهم فعليا فى إستقرارهم وزيادة دخلهم المادى.
حكاية مياه
فالمسافات التى يقطعونها يوميا لجلب مياه الشرب لوحدها حكاية، تزيد عن الخمس ساعات فى حال توفر المياه فى مصدرها.
ويمكن أن تصل إلى عشر ساعات فى عدم الحصول عليها فى مصدرها لأن أكثر مصادر المياه كانت (الدوانكى).
والدونكى هو بئر تحفر آليا وتربط بطلمبة لسحب مياهها للخارج تضخ فى الصهريج وتعمل بوابور.
يتعطل فى أحيان كثيرة وتحتاج صيانة لفترة تطول وتقصر وعندها يواجه المواطنون صعوبة فى توفير مياه شربهم.
ناهيك عن الإستخدامات الأخرى وسقيا حيواناتهم من الأبقار والأبل والأغنام والحمير .
حكاية (الوراريد)
وهل تصدقون حكاية أن الناس كانوا يتداينون المياة بالجردل حتى عودة السقاه وهم يطلقون عليهم (الوراريد) مفردها (وارد).
يقول الله تعالى : (ولما ورد ماء مدين وجد أمة من الناس يسقون ووجد من دونهما إمرأتين تزودان قال ما خطبكما قالتا لانسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) آية 23 من سورة القصص فى قصة سيدنا موسى.
ويقول الشاعر : نشرب إن وردنا الماء صفوا / ويشرب غيرنا كدرا وطينا.
تأثير الحرب
ولما كانت حرب الخامس عشر من أبريل من العام قبل الماضى قد أثرت تأثيرا بائنا على مختلف الخدمات العامة والأساسية لحياة الناس.
فإن مرافق مياه الشرب هى التى غشتها آثار الحرب فعمقت جراحها على مختلف المجتمعات فى المدن والقرى.
وكان نقص وإنعدام مياه الشرب هى الشكوى المستمرة والحاجة الملحة التى يطالب الناس بتوفيرها لهم.
رغما عن تغير بيئة بعضا من مرافق المياه بدخول الطاقة الشمسية فى تشغيلها لكنها لم تسلم من أعمال التخريب والنهب الذى أصبح ديدن المخربين الذى أنبتتهم حرب أبريل.
من أين أتى هؤلاء
وكلنا نتسائل.. من أين أتى هؤلاء؟ أهم حقا مواطنين سودانيون أم أجانب فإن كانت الإجابة بنعم سودانيين فحق لنا أن نتحسر على ضياع أخلاق البعض.
وهنا يحضرنى قول الشاعر : (إذا أصيب القوم فى أخلاقهم / فأقم عليهم مأتما وعويلا) وإن كانوا أجانب فتلك مصيبة كبرى.
بأن بلادنا أصبحت مرتعا للمخربين الأجانب الذين دفعت لهم مليشيا الدعم السريع الأموال لتخريب ونهب بلادنا السودان.
ووعدتهم بالإستيطان فى عمارات وبيوت مواطنيها الذين بنوها بتعب سنوات طويلة بعضهم تغرب خارج الوطن ولسان حالهم يردد مع فنان أفريقيا.
حكاية وطن
المرحوم محمد وردى (وياوطنا وكت أشتاق لو برحل ليهو من غير ميعاد) وآخرين كافحوا داخل وطنهم محققين أحلامهم وطموحاتهم مرددين .. وطنا البإسمك كتبنا ورطنا.
عموما هاهى حرب الخامس عشر من أبريل تضع أوزارها فى ولايات السودان المختلفة إلا أجزاء من كردفان وأغلب ولايات دارفور .
فمن المؤكد أن المياه ستكون فى مقدمة إهتمام الحكومات الولائية والمحليات ويسبقهم حرص المواطنين على رفع إحتياجات مرافق المياة التى يستفيدوا منها الى محلياتهم.
مرافق المياه
فدور كبير ينتظر هيئات المياه والخيرين لإعادة الحياة لمرافق المياه كما كانت فى سابق عهدها ، فقد شحبت المدن بموت أشجارها.
وحدائقها وبساتينها الغناءة التى كانت موطنا لجمال الطبيعة التى تجلب السعادة وتفرح الإنسان ، ويأكل الناس من حلو ثمارها من مانجو وجوافه وبرتقال وموز وليمون وخضروات.
وتشقشق العصافير فوق أشجارها ورافة الظلال تطرب السامعين ، فهذين العامين لم ير الناس مثلهما من قبل ونسأل الله تعالى أن لايرينا مثلهم من بعد.
الوقود والكهرباء
فقد بلغت أسعار شراء المياه أسعارا لا يتخيلها الناس خاصة عند إنقطاع الكهرباء وزيادة أسعار الوقود التى تعمل به كثيرا من محطات المياة.
خاصة فى الأرياف التى تحتاج مرافقها الى تعمير وصيانة عاجلة لأداء دورها المطلوب فى إستقرار المجتمعات.
وهنا أذكر أن مرفق مياه شيد فى أحد القرى ساهم فى تأسيس مدرسة أساس متكاملة شيدت بالطوب.
فى وقت كانت بعض المدارس مبنية بالمواد المحلية (القش) ،فليكن شعارنا.. يلا نبنى بلدنا.
أقلام: صحوة نيوز